بسم الله الرحمن الرحيم
يسأل بعض الأخيار ما الذى يمكننا فعله تجاه الأقصى؟
ما الذى يمكننا القيام به من أجل الدفاع عن الأقصى ومحاولة صد الهجمة الصهيونية الشرسة التى وصلت إلى مرحلة التصريح والشروع فعلا فى هدم المسجد الأقصى ليحل محله ما يسمى بهيكل سليمان المزعوم؟!.
وفى هذا الوقت الحرج الضيق الذى لا يتسع حتى لسرد الإجابة على هذا السؤال فكل لحظة تمر فإن الأمور تزداد خطورة وتعقيدا فإن الإجابة يجب أن تكون إجابة واقعية بعيدا عن الأمنيات والأحلام الوردية، يجب أن تكون الإجابة عبارة عن خطوات فورية نستطيع فعلها الآن وليس بعد قليل، وهنا تكمن الصعوبة فما الذى بيدنا الآن فعله، والبعض يدعى ويقول أننا لا نملك من الأمر شئ.
وتتلخص الإجابة فى مجموعة يسيرة من الخطوات العملية السهلة واليسيرة التنفيذ العظيمة الآثار قريبة النتائج إن شاء الله رب العالمين ومنها على سبيل المثال لا الحصر:-
1. المقاطعة: وأقصد هنا تجديد فعاليات حملة ومشروع المقاطعة لكل البضائع المستورة والمصنعة فى البلد التى تدعم الكيان الصهيونى اللقيط هذا طبعا علاوة على مقاطعة البضائع والمنتتجات التى تستورد من الكيان الصهيونى أو تنتجها شركات تطبع مع الكيان الصهيونى، ولا يدعى أحد أن هذه المقاطعة لا جدوى منها لأن من يدعى ذلك فهو إما جاهل معلوم جهله مفضوح أمره بين الناس وإما منافق كذاب بينه وبين اليهود مصالح، فالغرب عبد المال والمقاطعة ستؤثر سلبا على اقتصاد الدول الداعمة للكيان الصهيونى، وتزداد أهمية ودور المقاطعة هذه الأيام حيث الأزمة الإقتصادية العالمية التى ترنح أمامها الإقتصاد العالمى بأكمله، فإذا كانت المقاطعة فى السابق أدت إلى بعض الضغط على الكيان الصهيونى وأدت أيضا إلى تقديم بعض الحكومات الغربية والشركات الأوروبية اعتذارا للمسلمين عن نشر الرسوم المسيئة للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فإنها اليوم سيكون لها تأثير أكبر وأعظم حيث أن اقتصاد بعض الدول الأوروبية على حافة الإنهيار، وهى اليوم بحاجة شديدة إلى ربح كل وحدة من منتجاتها فإذا ما كان جزء من هذا الربح الذى تعلق عليه الآمال فى التعافى من آثار الأزمة المالية مرتبط بوقف العدوان الصهيونى الغاشم على القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك فلا شك أن هذه الدول ستقوم بالضغط ولو ضغطا ضعيفا على الكيان الصهيونى، وقد يقول قائل إن هذه الدول ليست لنا بأعداء فلماذا نستعديها فنحن فى غنى عن ذلك وأقول لهذا إن هذه الدول إن لم تكن أعداء لنا استقلالا فهى أعداء لنا تبعا وقد قيل الأعداء ثلاثة (عدوى – وصديق عدوى – وعدو صديقى) ولا يشك أحد أن هذه الدول أصدقاء لعدونا فهم أعداء لنا تبعا.
2. الدعم المالى للمقدسيين: فالمقدسيين يعانون اليوم أشد معاناة من قلة المال وعدم وجود دعم لهم يساعدهم على البقاء فى القدس حيث يفرض عليهم العدو الضرائب الباهظة والرسوم الكثيرة فى محاولة منه لجعلهم يضيقون ذرعا بالمكوث فى القدس وبالتالي خروجهم منها وهذا ما يريده الصهاينة حيث تتغير التركيبة السكانية للقدس الشريف فيسهل بعد ذلك انتزاعها، وفى ذات الوقت يسهل القيام بأى عمل عدوانى تجاه الأقصى حيث إن ترك سكان القدس لها يعنى تناقص أعداد المرابطين بالقدس يوميا المدافعين عنها فى أى لحظة يقوم العدو فيها بارتكاب حماقات تجاه الأقصى المبارك، فالدعم المالى لهم يعنى دفعهم للمكوث فى القدس وعدم الخروج منها حتى ولو ضاعف الصهاينة الضرائب أضعافا مضاعفة، ومهما فرضوا الرسوم، والمكوث والبقاء فى القدس يعنى الرباط الدائم بالأقصى والدفاع عنه وسرعة الوصول إليه فى أى لحظة، هذا أبسط وأهم ما يحققه الدعم المالى للمقدسيين حفظم الله وثبتهم.
3. التوعية الإعلامية: بما يدور فى داخل مدينة القدس من عمليات تهويد للمدينة وتهجير للسكان وسرقة للتراث الإسلامى فى وضح النهار، وهذا الأمر يكون من خلال نشر الخرائط التى تخص مدينة القدس من خرائط السكان وخرائط التراث وخرائط الحفريات وغيرها، وكذلك نشر مقاطع الفيديو والدراسات والتقارير العربية والغربية وحتى الصهيونية التى تتعلق بما يدور داخل القدس وتحت المسجد الأقصى، ويمكن الحصول على هذه الخرائط والمعلومات من خلال عدد من المواقع العنكبوتية أما الدراسات والتقارير فيمكن الحصول عليها من موقع مركز الزيتونة للدراسات وموقع باحث للدرسات وغيرها من مواقع ومراكز الأبحاث الاستيراتيجية المتخصصة فى الواقع الفلسطينى، اما عن وسائل نشر هذه المعلومات والخرائط فيجب أن تكون عن طريق مواقع الإنترنت والصحف والمجلات الإسلامية وقبل ذلك كله عن طريق الفضائيات الإسلامية العديدة، فقد جاء وقت الإختبار الحقيقى لمعرفة جدوى هذا العدد الكبير من الفضائيات ولنرى هل هذه الفضائيات تهتم بواقع المسلمين أم أنها أنشئت لغرض آخر خفى؟!
4. نشر الفتاوى الدينية المتعلقة بالقدس: لأن قضية فلسطين عامة والقدس خاصة هى قضية إسلامية بحتة فيجب علينا التأكيد على هذا الجانب والتأكيد على أن الأقصى لا يخص فلسطين ولا الفلسطينيين على الإطلاق ولم ولن يكون كذلك يوما من الأيام، وأنه كما أن بيت الله الحرام يخص كل مسلم على وجه الأرض فكذلك الأقصى ولا يستطيع مسلم أن يفرق بين المسجدين، وعلى هذا الأساس فالواجب علينا البحث والتنقيب عن كل فتاوى العلماء التى تخص قضية فلسطين عامة والقدس خاصة وإعادة نشر الطيب منها بين الناس والرد على وتفنيد كل الفتاوى المذلة التى تتحدث عن السلام والتفريط فى القدس تحت أى ذريعة وبأى حجة كانت ومهما كان صاحب الفتوى فلا عصمة عندنا لمخلوق إلا للنبى صلى الله عليه وسلم.
5. حملة رد شبهات: وأقصد بهذا النقطة هو الرد العلمى بالدليل الشرعى والمنطق العقلى على شبهات وحجج كل من يقول أن علينا أن نرضى بفتات بني صهيون وأن نقبل بما يرمونه لنا أو تلك الشبهات المغرضة التى هدفها تثبيط الهمم عن نصرة الأقصى، فنرد على هذه الحجج جميعها لا نترك واحدة دون الأخرى، وما من حجة للقوم إلا ولها رد بإذن الله، ومن تلك الشبهات أو بالأحرى الإفتراءات ما يروج له البعض –حاملا الصبغة الشرعية- من أنه لا فائدة من المقاطعة، وأذكر أنه أثناء الإنتفاضة الثانية المباركة المسماة بانتفاضة الأقصى وجدت بعض الأشرطة لبعض العلماء –للأسف الشديد- ترد على من يطالب بمقاطعة منتجات الدول الغربية وهذا والله عين الذل حيث يقف العلماء فى وجه الأمة يثبطونها عن نصرة الأقصى، وكان الأولى بهذا العالم –هدانا الله وإياه- أن يكون هو الداعى والمنظر لمشروع المقاومة وفعالياتها.
6. الحرب النفسية: إذا ما فعلنا كل الأمور السابقة فنكون قد قطعنا بفضل الله شوطا كبيرا فى نصرة الأقصى، وبقى لنا أن نشعل الحرب النفسية لنقذف الرعب فى قلوب اليهود، وأبسط طرق الحرب النفسية تكون من خلال توجيه مئات الآلاف من الرسائل البريدية إلى الصهاينة تحذرهم من مغبة المساس بالمسجد الأقصى المبارك والتأكيد على أن هذا الأمر يعنى إشعال نار الحرب فى المنطقة، ولكن يجب الإنتباه إلى أن هذه الخطوة يجب أن تكون لاحقة لما قبلها حتى يكون لها تأثير أما لو لم نفعل شئ حقيقى واستسهل البعض إرسال بعض الرسائل بضغطة زر فلن يكون لهذه الرسائل قيمة تذكر، أما لو سبق هذه الرسائل الخطوات السابق ذكرها وأدى ذلك إلى ضغط فعلى حقيقى على الكيان الصهيونى فإنهم سيأخذون هذه الرسائل عل محمل الجد أو على الأقل ستمتلئ قلوبهم من الخوف والفزع.
7. حفظ خريطة القدس: وأنا أعنى فعلا أن نحفظ خريطة القدس كما نحفظ خرائط بلادنا فنحفظ أسماء المناطق والأحياء فى القدس ونعرف أيضا الأسماء الصهيونية لهذه المناطق والأحياء حتى نكون على دراية كاملة بما يحدث، فعندما يقال مثلا حى السلوان أو حى الشيخ جراح فيجب أن نعرف أين هو هذا الحى وما أهميته، وهكذا.
وأخيرا أقول إن هذه الخطوات البسيطة هى بمقدور كل منا، كل منا يستطيع فعل أمرين أو ثلاثة على أقل تقدير، ويجب أن تكون هذه الخطوات مستمرة فى كل وقت ولا تكون عبارة عن ردود انفعالية سرعان ما تنتهى، ويجب ألا نيأس أبدا وأن نعرف أنه مهما طال الزمن حتى وإن هدم الأقصى فالنصر للمسلمين فى النهاية، هذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد.
أ. مجدي داود
[b]