بسم الله الرحمن الرحيم
عونك يا رب وتيسيرك
قال الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السلفي الأصفهاني ثم الإسكندري رضي الله تعالى عنه : أما بعد حمد الله مولي النعم ومقدرها في القدم الموصوف بالعطاء منا منه والكرم.
وصلواته على محمد النهاية في العظم وخاتم الرسل إلى الخلائق والأمم وعلى آله المخصوصين بأحسن الشيم وأحكم الحكم وصحبه ناصري الإسلام ومظهريه في العرب والعجم .
فإني لما فرغت من ذكر من لقيته من الرواة وكبار الحفاظ والوعاة وإثبات من علقت عنه شيئا من الحديث وإن لم يكن عارفا بقوانين الرواية والتحديث وتسمية من استفدت منه فائدة فقهية أو أدبية أو زهدية أو استنشدته فأنشدني شيئا من شعره وبنات فكره أو مما أنشده من شاهده من أديب بارع أو راوية جامع.
ودونت ذلك كله في كتاب ترجمته بالمعجم المؤرخ إذ بينت فيه درجاتهم وعنيت على ضعفائهم وثقاتهم وأتيت على ما يحتاج إليه من أقوالهم فيها المبتدع الخبيث الذي غرضه هدم ما أسسه الشارع واقتدى به الصحابي والتابع فصار فرضا واجبا وحتما لازبا.
ومن رزق التوفيق ولاحظ التحقيق من جميع الخلق بالغ في اتباع السلف الذين هم القدى وأئمة الهدى إذ اتباعهم في الوارد من السنن من أنهج السنن وأوقى الجنن وأقوى الحجج السالمة من العوج.
وما درجوا عليه هو الحق الذي لا يسوغ خلافه ومن خالفه ففي خلافه ملامه ومن تعلق به فالحجة الواضحة سلك وبالعروة الوثقى استمسك والفرض الواجب اتبع وعن قبول قول لنا في قول من لا ينطق عن الهوى وفعله امتنع.
والله تعالى يوفقنا للاقتداء والاتباع ويوقفنا عن الابتداء والابتداع فهو أرحم مأمول وأكرم مسؤول.
فإذا ثبت هذا وتقرر وصح بالبرهان وتحرر فكل محقق يتحقق ويتيقن أن الإسناد ركن الشرع وأساه فيتسمت بكل طريق إلى ما يدوم به درسه لا اندراسه.
وفي الإجازة كما لا يخفى على ذي بصيرة وبصر دوام ما قد روي وصح من أثر وبقاوة بهائه وفائه وبهجته وضيائه.
ويجب التعويل عليها والسكون أبدا إليها من غير شك في صحتها وريب في فسحتها إذ أعلى الدرجات في ذلك السماع ثم المناولة ثم الإجازة.
ولا يتصور أن يبقى كل مصنف قد صنف كبير ومؤلف كذلك صغير على وجه السماع المتصل على قديم الدهر المنفصل ولا ينقطع منه شيء بموت الرواة وفقد الحفاظ الوعاة فيحتاج عند وجود ذلك إلى استعمال سبب فيه بقاء التأليف ويقضي بدوامه ولا يؤدي بعد إلى انعدامه.
فالوصول إذا إلى روايته بالإجازة فيه نفع عظيم ورفد جسيم إذ المقصود به إحكام السنن المروية في الأحكام الشرعية وإحياء الآثار على أتم الإيثار سواء كان بالسماع أو القراءة أو المناولة والإجازة.
لكن الشرط فيه المبالغة في الضبط والإتقان والتوفي من الزيادة والنقصان وأن لا يعول فيما يروى عن الشيخ بالإجازة إلا على ما ينقل من خط من يوثق بنقله ويعول على قوله ثم بعد ذلك الجنوح إلى التسهيل الذي هو سواء السبيل والميل إلى الترخيص لا المنع والتغليظ المؤديين إلى عدم التخليص أخذا بقوله تعالى: (وَما جَعَلَ عَلَيكُم في الَّدينِ مِن حَرَجٍ مِلَةَ أَبيكُم إِبراهيم) و (يُريدُ اللَهُ بِكُم اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُم العُسر).
وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية الصحيحة السهلة).
وقوله: (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فبنو إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم) وقوله: (إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه والأمر إذا ضاق اتسع).
وملاحظة ما يؤدي إلى منفعة وفائدة ن إلى طلاب الشرع عائدة أولى من إهمالها والمنع منها وإبطالها.
فإن احتج محتج بأن رواية المسموع أحوط وعن الغلط أبعد من رواية المجاز الذي لم يقرأ على شيخ ولم يضبط ففي الذي تقدم جوابه وزوال ما قاله وذهابه ويقال له أيضا: ليس أحد معصوما من الغلط وما يتم عليه وقت الكتابة من السقط فإذا لم يكن السامع من الشيخ عارفا ولما يأخذ عنه ضابطا دخل عليه السهو وذهب عليه الغفو بخلاف المجاز له المتيقظ الحافظ العارف به يؤديه ويورده ويرويه.
وقد بينا أن الأصل في ذلك معرفة الراوي وضبطه وإتقانه على أي وجه كان سماعا أو مناولة أو إجازة إذ جميع ذلك جائز.
وإذا تأمل الحاذق من الطلبة ما رواه الحافظ ومن دونه في المعرفة ورأى ما بينهما من الخلف في رواية كتاب واحد لتخلف المتخلف منهما تحقق ما قلناه ورجع عما أبداه ولم يذكره أبدا ولا حدث به أحدا.
ومن منافع الإجازة أيضا أن ليس كل طالب وباغ للعلم فيه راغب يقدر على سفر ورحلة
وبالخصوص إذا كان مرفوعا إلى علة أو قلة أو يكون الشيخ الذي يرحل إليه بعيدا وفي الوصول إليه يلقى تعبا شديدا.
فالكتابة حينئذ أرف وفي حقه أوفق ويعد ذلك من أنهج السنن وأبهج السنن فيكتب من بأقصى المغرب إلى من بأقصى المشرق فيأذن له في رواية ما يصح لديه من حديث عنه ويكون ذلك المروي حجة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى كسرى وقيصر وغيرهما مع رسله فمن أقبل عليهم وقبل منهم فهو حجة له ومن لم يقبل ولم يعمل فحجة عليه.
ومما يحتج به أيضا في هذا الباب وأن الأخذ به عين الصواب إيفاده صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش إلى ناحية نخلة في سرية ودفع إليه كتابا مختوما وأمره ألا يفكه حتى يسير يومين ثم يفكه وينفذ ما فيه من الأمر فامتثل عبد الله ذلك.
وهو في العمل بالإجازة نص صحيح ونصح منه صلى الله عليه وسلم صريح.
ولأبي العباس الوليد بن بكر بن مخلد الغمري: من أهل المغرب وتوفي بالمشرق وكان من الجوالين في طلب العلم عالما فقيها نحوياي ثقة كتاب ترجمه بالوجازة في صحة القول بالإجازة وهو عندنا مسموع نازلا ومستجاز عاليا استوفى فيه ما يحتاج إليه في هذا المعنى بأوضح عبارة وأحسنها وأجود إشارة وأبينها.
لكني لم أسلك طريقه وتحقيقه بل طريقة أخرى استوفيت فيها
المعنى بلفظ هو بطلبه هذا الوقت أليق وإلى أفهامهم أقرب وطلب التسهيل وترك التطويل في مثل هذا أملح وأصوب.
وقد اختلق القائلون بصحة الإجازة أسماء يلجؤون إليها عن أتم معرفة بالتعويل عليها عند الرواية وكيفية اللفظ الذي يرتضيه أرباب الدراية وأجود ذلك عندي الرواية ولدى التأمل أثبته وأبينه أن يقول المحدث في الرواية عمن شاهده وشافهه: أنبأني وفيمن كاتبه ولم يشاهده: كتب إلي وفيما سمعه: أخبرنا وحدثنا وسمعت ليعلم بذلك مسموعه من مجازه وتحقيقه من مجازه وأن يقول فيما سمعه من لفظ شيخه وحده: حدثني وفي الذي سمعه منه كذلك لفظا مع غيره: حدثنا وفيما سمعه عليه وحده بقراءته: أخبرني وفي الذي سمعه ومعه واحدا فصاعدا: أخبرنا سواء قرأ هو أو غيره ليتبين على ما قررناه من الجواز المسموع من المستجاز.
وإن اختار أحد في المجاز له والتحديث به غير ما اخترته وعينت عليه وذهب إلى ضد ما ذهبت أنا إليه فقد فسح له لكن يكون بلفظ مشعر بالإجازة وعبارة معبرة عنها غير مغيرة للمرسوم فيها قديما من طائفة استحقوا بالحفظ والمعرفة تقديما وقضية عرية عن التدليس خلية من التلبيس ولفظ غير مشبه للفظ السماع مؤذن بالابتداع لا الاتباع كما الصواب يقتضيه ومن يراه من الحفاظ يرتضيه.
والذي اخترته أنا من قول الراوي بالإجازة كتب إلي فلان هو اختيار البخاري في صحيحه يقول: كتب إلي محمد بن بشار بندار وكذلك يقول ابن أبي حاتم الرازي في تواليفه وغيرهما ممن كان قبلهما أو بعدهما من الحفاظ الثقات ورواة الحديث الأثبات.
وكان أبو عمرو الأوزاعي إمام الشام يقول: كتب إلي قتادة.
وسمعت أبا علي البرداني الحافظ ببغداد يقول: سمعت أبا القاسم واصل بن حمزة البخاري يقول: قدم علينا من لفظه وحفظه يقول: دخلت على الشيخ أبي العباس جعفر بن محمد بن المعتز المستغفري الخطيب بنسف فسألته الإجازة فقال لي: سمعت الخليل بن أحمد السجستاني يقول: سمعت أبا طاهر الدباس يقول: معنى قول الشيخ أجزت لك أي أجزت لك أن تكذب علي ثم قال لي جعفر بن محمد: ولكن جعلت سماعاتي كلها كتبا مني إليك لتقول: كتب إلي جعفر بن محمد أن فلان بن فلان حدثنا قال: حدثنا فلان.
وفي المتقدمين من كان يتوقف في الإجازة وكذلك في المتأخرين ومن جملتهم: أبو نصر السجزي ثم قال أخيرا بصحتها وهو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد بن محمد بن علوية بن سهل بن عيسى بن طلحة الحافظ الوائلي من بكر بن وائل.
أخبرنا بنسبته هذه أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الملك بن محمد المقرىء السحاذي بقزوين أنبا أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الطبري المقرىء بمكة أنبا أبو نصر عبيد الله فذكره على الوجه الذي ذكرته.
وقد روى لي عنه إسماعيل بن الحسن العلوي بإصبهان وعبد الباقي بن عبد اللطيف الهاشمي بمكة وأبو محمد بن السراج ببغداد وحكى لي الشريف ابو شاكر العثماني بمكة عنه حكايات علقتها من حفظه لا من كتاب وقد قرأت على الشيخ أبي محمد بن السراج عنه كثيرا بالإجازة.
وقد كان أجاز له مشافهة بعد أن سمع عليه فوائد وحين وصلت إلى دمشق وقفت على أحاديث كتبها إلى أبي القاسم الحنائي والد شيخنا أبي طاهر وأخيه وأذن لهما في روايتها عنه وقال: الأجازة عندي غير مرضية وقد جعلت هذه كتابا مني إليكما فارويا عني هذا أو معناه.
والفصل على الوجه الذي ذكر عندي قرأته على أبي طاهر عن والده أبي القاسم عن كتابه إليه فعجبت غاية العجب من إجازته لشيخنا أبي محمد ببن السراج وإجابته إليها وامتناعه من ذلك في حق ابني الحنائي مع جلالتهما إلى أن أخرج إلي أبو محمد بن الأكفاني بدمشق أيضا كتابا بخط عبد العزيز بن ثعلبة السعدي الأندلسي وكان من أهل العلم ثقة وفي أوله أجاز لي الشيخ الحافظ أو نصر الوائلي حدثنا به عنه أبو الفضل الحكاك.
ووقفت أيضا على جزء رواه أبو الفرج سهل بن بشر الإسفرائيني بدمشق عنه بالإجازة وأبوالفرج كذلك ثقة فصحت عندي إجازة ابن السراج وزادت درجته وبانت لدي ثقته رحمه الله تعالى.
وإن أبا نصر أدى اجتهاده في القديم إلى تركها والإمتناع عنها وفي آخر عمره إلى الأخذ بها والإجابة عنها اقتداء بأكثر من قبله من الحفاظ المتقنين رحمة الله عليهم أجمعين.
وقد سمعت أبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني ببغداد يقول: سمعت أبا الفضل جعفر بن يحيى القميميم يقول: كان أبو نصر السجزي الحافظ يقول: المناولة بمنزلة السماع.
وجعفر هذا ثقة حافظ ويعرف بمكة بابن الحكاك قدم إصبهان وكتب عنه أقراني ولم أره أنا والله تعالى المسؤول في التوفيق وسلوك سبيل التحقيق.
وقد اختلف العلماء الذين قالوا بصحة الإجازة متى تصح وفي حق من تتصور فقاس منهم قوم ذلك على السماع وخالفهم آخرون وأكثرهم على أن العربي يصح سماعه إذا بلغ أربع سنين واحتجوا بحديث محمود بن الربيع وأنه عقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجة مجها في فيه من بئر في دارهم.
وأن العجمي بلغ ست سنين.
وقد سمعت أبا محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني المعدل بدمشق يقول: سمعت أبا محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني الحافظ يقول: سمعت أبا نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر
المري يقول: سمعت أبا سليمان محمد بن عبد الله بن زبر الربعي الحافظ يقول: سمعت الحسن بن حبيب يقول: سمعت الربيع بن سليمان يقول: كنت عند الشافعي وقد أتاه رجل يطلب منه الإجازة لابنه فقال: كم لابنك فقال: ست سنين فقال: لا تجوز الإجازة لمثله حتى يتم له سبع سنين قال ابن زبر: وهو مذهبي في الإجازة.
والذي أذهب أنا إليه وعليه أدركت الحفاظ من مشايخي سفرا وحضرا اتباعا لمذهب شيوخهم في ذلك أن الإجازة تصح لمن يجاز له صغيرا كان أو كبيرا فهي فائدة إليه عائدة كالحبس عليه وآلهبة له فلا يحكم بفساد ذلك ويقال: إنما يصح الحبس وآلهبة لمن عمره سبع سنينس.
والغرض الأقصى من الإجازة الرواية.
والصغير لا تتصور في حقه بخلاف الكبير فالكبير يسمع في بلد ويروي في آخر عقيب السماع.
والصغير إنما يؤخذ له من شيوخ الوقت حتى إذا بلغ مبلغ الرواة روى ما يصح لديه من حديثهم كما يحبس عليه في صغره من دار وعقار ولا يتصور له التصرف في شيء من ذلك فإذا بلغ الحلم وهو رشيد سلم المحبس إليه فيتصرف فيه من غير اعتراض في اختياره وإيثاره ولأبي بكر الخطيب الحافظ البغدادي في هذا جزء لطيف سمعناه على أبي محمد السمرقندي ببغداد وعلى أبي بكر الشبلي بديار مصر يذكر فيه إجازة المعدوم ويورد فيه من أقوال الفقهاء الشافعية والحنفية والحنابلة ما يدل على صحتها فكيف للمولود الموجود وهو الصحيح الذي يقتضيه القياس وعليه درج الناس وأئمة الحديث في القديم والحديث ورأوه صحيحا وأنه التحقيق والله تعالى ولي التوفيق.
فابدأ الآن بشيوخ بغداد مدينة السلام جعلها تعالى أبدا دارا للإسلام ثم بعدهم بغيرهم وأورد عن كل من ظفرت بروايته ووقع إليّ حديثه واحدا طلبا للاختصار واحترازا من الإكثار إلا عمن في الزيادة على ما ذكره زيادة فائدة إلى العارفين عائدة لعلو الإسناد الواقع من الحفاظ الأمجاد أحسن موقع ويتذاكرون به في كل مجمع وموضع.
فأولهم: الإمام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي شيخ الحنابلة بها ورئيسهم.
قدم إصبهان رسولا من قبل الخليفة إلى السلطان وأنا إذ ذاك صغير وشاهدته يوم دخوله إلى البلد ووصوله.
وكان يوما مشهودا كالعيد بل أبلغ في المزيد.
وأنزل بباب القصر محلتنا في دار السلطان كان من الديالم وانتقل إلى سلطان الوقت بعد انقراض دولتهم.
دار عالية وبقربها نهر جار قد صار برسم الرسل.
وحضرت في الجامع الجورجيري الذي بالقرب من باب القصر محلتنا مجلسه بنفسي لا بمحضر من الكبار بل متفرجا كعادة الصغار ثم بعد سنين لما ترعرعت وتصديت للسماع وكتب الحديث على رغبة تامة وعزيمة مستدامة قال لي الإمام أبو الحسن أحمد بن معمر العبدي وكان من الثقات الأثبات مرضي الطرائق والصفات: قد استجزته لك في جملة من كتبت اسمه من صبياننا في الاستجازة فتفضل وكتب خطه بالإجازة فطالبته بها مرة بعد أخرى وثانية عقب أولى ولم يتسهل له إخراجها ورحلت أنا إلى بغداد سنة ثلاث وتسعين وأربعب مئة للقاء مسندي شيوخها والكتاب عنهم ولم يتفق لي الرجوع إلى البلد وأجريت ذكر هذا المجلس يوما ببغداد وكان أبو البركات بن السقطي الحافظ حاضرا فقال: أنا كنت القارىء عليه في يوم الجمعة بعد الصلاة على منبر الجامع الصغير لكثرة الخلق.
والخبر.
فقد كان من حديث محمد بن عثمان بن كرامة وروايته فيه عن أبي عمر عبد الواحد بن مهدي الفارسي عن محمد بن مخلد الدوري عنه هذا ما قاله ابن السقطي.
وقد كان رحمه الله تعالى من الأمجاد عالي الإسناد مرفقا في وعظه داعيا إلى الرشاد روى عن أبي عمر بن مهدي وأبي الحسين بن المتيم وهلال الحفار وأبي الحسين بن بشران وهبة الله بن سلامة المفسر وآخرين من نظرائهم.
وقد قال فيه - على ما بلغني أبو غالب هبة الله بن محمد بن هارون عند قدومه إصبهان قصيدة أولها: بِمَقدَمِ الشَيخِ رِزقُ الَلهِ قَد رُزُقَت أَهلُ اِصبَهان أَسانيداً عَجيباتِ
أنبأنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي لما قدم علينا إصبهان أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن حماد الواعظ المعروف بابن المتيم ثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء ثنا محمد بن عمرو بن أبي مذعور ثنا يزيد بن زريع ثنا عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فواحدة فإنها توتر لك صلاتك).
وأنبأنا أبو محمد رزق الله أيضا أنبأ أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي ثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إ (ن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأنا أظنها لو تكلمت لتصدقت فهل لها أجر إن أتصدق عنها قال: نعم).
وثانيهم: أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي: أجاز لي جميع ما يرويه سنة إحدى وتسعين وقبلها أيضا وقد شارك الشيخ أبا محمد رزق الله في علو السند وروايته حديث القاضي أبي عبد الله المحاملي عن أبي عمر بن مهدي الفارسي وروى عن أبي سعد الماليني وعن آخرين أعلى من أبي سعد وقد سمع عليه والدي
وقال لي صاحبنا أبو الخير هزارسب بن عوض بن الحسن الهروي ببغداد: توفي ابن طلحة النعالي في صفر سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة وهي السنة التي دخلت أنا فيها إلى بغداد في شهر رمضان ووصلت إليها أنا في شوال وبين وصولي ووفاته سبعة أشهر.
والسماع رزق.
كتب إلي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي من بغداد سنة إحدى وتسعين وأربع مئة وقبلها فيما أظن: أنبأ أبو عمر عبد الواحدن بن مهدي الفارسي ثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء ثنا أحمد بن إسماعيل السهمي ثنا مالك عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر).
وثالثهم: الشريف الكامل أبو الفوراس طراد بن محمد بن علي الزينبي: نقيب نقباء الهاشميين وهو يداني المذكورين في العلو وقد حدث عن جماعة لم يحدث عنهم أحد بعده ومنهم: هلال الحفار وأبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النرسي وأبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي وآخرون.
وخطه عندي في جزء الاستجازة الذي أنفذته أنا سنة إحدى وتسعين إلى بغداد فأخذت فيه خطوط مشايخ مسندين والسؤال أن يجيزوا للمذكورين ما سمعوه وما أجيز لهم.
والذي
وقال لي صاحبنا أبو الخير هزارسب بن عوض الهروي ببغداد: سمعت أبا الفوارس طراد بن محمد الهاشمي يقول: ولدت سنة ثمان وتسعين وثلاث مئة في شوال.
قال هزارسب: وتوفي سنة إحدى وتسعين وأربع مئة آخر يوم من شوال ودفن أول يوم من ذي القعدة وكان هزارسب رحمه الله ثقة فيما يقوله.
وهو أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي المعروف بالزينبي وعبد الله بن محمد بن إبراهيم هو الزينبي أمه زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس.
وله إخوة ثلاثة رووا كلهم الحديث أدركت أنا منهم اثنين: أبا طالب الحسين إمام أصحاب أبي حنيفة والمدرس ببغداد في مدرستهم بباب الطاق.
ولم أر ببغداد من أهل العلم أجل رتبة منه ولم يكن يتقدم عليه أحد في مجلس الخليفة يوم النظر.
قيل العلماء والرؤساء كلهم عند دخولهم دار الخلافة يتأخرون عنه وقت النظر في أيام الجمع في المكان المعروف بباب الفردوسن والمستظهر بالله وأبناؤه حاضرون يشاهدون الحاضرين والفقهاء والمناظرين من وراء شباك ولا يشاهدون.
وكان جليل القدر والخطر متواضعا إلى غاية مع جلالته وتقدمه ورئاسته روى لنا عن أبي طالب بن غيلان وأبي القاسم التنوخي والأمير أبي محمد بن المقتدر وغيرهم.
وروى صحيح البخاري عن كريمة المروزية المجاورة بمكة عن الكشميهني عن الفربري عن البخاري وأبا يعلى حمزة وكان أكبر سنا من أبي طالب وسألته عن مولده فقال: ولدت سنة سبع وأربع مئة.
وقرأت عليه عن القاضي أبي العلاء الواسطي المقرىء وأبي محمد الخلال الحافظ وقال: قد سمعت علي القاضي أبي الحسين التوزي وعلى أبي الحسن بن قبيس المالكي وآخرين.
وكان الوزير ابن أبي الريان عول على حملي إلى أبي الحسن بن الحمامي المقرىء فلم يتفق ذلك ولم أسمسع عليه والسماع رزق.
قال: وقد قرأت كتاب الفصيح لثعلب على علي بن عيسى الربعي.
وأما الذي لم أره ولكني لحقته بالسن وكتبت عن أصحابه فأبو نصر محمد بن محمد آخر من حدث بحديث أبي القاسم البغوي ببغداد عاليا وحديث ابن أبي داوود السجستاني عن أبي طاهر المخلص وابن زنبور.
وكان من شيوخ المتصوفة يرافقهم في طرائقهم ولا يفارقهم ولا يخالفهم في شيء بل يوافقهم إلى أن توفي سنة تسع وسبعين وأربع مئة في جمادي الآخرة.
وكان
كتب إليّ النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي من بغداد أنبا أبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النرسي ثنا محمد بن عمرو بن البختري الرزاز ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال: سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يسأل أبا النضر هاشم بن القاسم فسمعت هاشم بن القاسم يقول: حدثنا عبد العزيز بن النعمان القرشي أنبا يزيد بن حيان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) رضي الله تعالى عنهم.
وكتب إلي النقيب من بغداد وأخبرني عنه عتيق بن أحمد بن عبد الرحمن الأندلسي بديار مصر أنبا أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز أنبا محمد بن أحمد بن البراء العبدي حدثني عبيد الله بن فرقد مولى المهدي قال: هاجت ريح زمن المهدي فدخل بيتا في جوف بيت فالزق خده بالتراب ثم قال: اللهم إنه بريء من هذه الجناية كل هذا الخلق غيري فإن كنت المطلوب من بين خلقك فهأناذا بين يديك اللهم لا تشمت بي أهل الأديان فلم يزل كذلك حتى انجلت الريح.
ومنهم: أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني قد كتب إلي بالإجازة وكان ثقة عارفا بما يرويه عن شيوخه: أبي علي بن شاذان وأبي عبد وقد سمعت سعد الله بن علي بن أيوب البزاز ببغداد يقول: توفي أبو طاهر الباقلاني في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
وكان مولده سنة ست عشرة.
وقد كتبت أنا عن أخيه أبي غالب محمد بن الحسن عند دخولي بغداد سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة وبعدها وبعدها كثيرا وسمعت بعد االكتابة عليه كثيرا بقراءتي وبقراءة أبي نصر المؤتمن بن أحمد الساجي الحافظ وغيره وأفدت عنه الإمام أبا بكر محمد بن أبي المظفر السمعاني عند قدومه بغداد حاجا وغيره من طلاب الحديث الواصلين إليها ومن الله تعالى أطلب المجازاة.
وكان من المكثرين وإسناده أخيه.
وشيوخه ابن شاذان وابن بشران وغيرهما.
ومنهم: الشيخ أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف الأصبهاني الأصل البغدادي المولد.
من أجلاء الشيوخ وثقاتهم ومأمونيهم وأثباتهم.
ومن بيت الرئاسة وفي نفسه على غاية من النفاسة.
وله رحلة إلى مصر وإلى القيروان من مدن إفريقية وكتب عن شيوخ الإقليمين وشيوخ ديار بكر كذلك وشيوخ مكة فمن البغداديين: أبو علي بن شاذان وأبو عمرو بن دوست ومكي بن علي الحريري ونظراؤهم.
ومن المصريين: أبو الحسن علي بن منير الخلال وأقرانه.
وقد أجاز له أبو الحسن الحمامي المقرىء.
وبيته بيت كبير وعترته عترة مباركة وأجلهم عبد الخالق.
وأودعت كتبي عنده حين قدم أبي واعتذرت بأعذار وقال: هذه الحجة آخر حجاتي فأجابه نفر من رؤساء إصبهان فحج في سنة سبع وتسعين وأربع مئة.
كتب إلي أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف الإصبهاني من بغداد أنبأ أبو طالب مكي بن علي الحرير أنبأ أبو سليمان محمد بن الحسين بن علي الحراني ثنا محمد بن عبد بن عامر ثنا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت ابن عيينة يقول: مثل العالم مثل السراج على ظهر الطريق من مر به اقتبس منه واستضاء به ودعا له بخير.
ومنهم: أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن أيوب الموصلي البزاز.
وكان ثقة في الرواية روى عن ابن شاذان وطبقته من أهل بغداد وعن ابن حمصة الراوي عن حمزة الكناني بمجلس واحد رآه بمصر.
وقرأت أنا على أبي من هذا المجلس عنه ببغداد سنة سبع وتسعين وأربع مئة شيئا خرجته في فوائده وسمع هذه الفوائد عليه بمكة في هذه السنة الإمام أبو بكر محمد بن أبي المظفر السمعاني المروزي وغيره من مئة سمعت هذا المجلس بكماله على أبي صادق المديني بمصر وعلى أبي عبد الله الرازي بمصر أيضا وبالإسكندرية على ابن حمصة.
ومن جملته ما أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني بمصر وابو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي بمصر أيضا وبالإسكندرية قالا: أنبأ أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الصواف الحراني ثنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ إملاء أنبأ عمران بن موسى بن حميد الطبيب ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني الليث بن سعد عن عامر بن يحيى المعافري عن ابي عبد الرحمن الحبلي أنه قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يصاح برجل من أمتي على رؤس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول الله عز وجل له: أتنكر من هذا شيئا فيقول: لا يا رب فيقول عز وجل: ألك عذر أو حسنة فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب فيقول عز وجل: بلى إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول عز وجل: إنك لا تظلم قا: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة).
قال حمزة: ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير الليث بن سعد وهو من أحسن الحديث وبالله التوفيق.
قال لنا شيخنا أبو الحسن الحراني لما أملى علينا حمزة هذا الحديث صاح غريب من الحلقة صيحة فاضت نفسه معها وأنا ممن حضر جنازته وصلى عليه.
قال أبو عبد الله الرازي: سمعناه يقول: ولدت سنة ثلاث وأربعين وثلاث مئة.
هذا آخر ما حكاه لنا أبو صادق وأبو عبد الله عن الحراني بمجلس السجلات وبمجلس البطاقة أيضا ولم يكن عنده عنه ولا عن غيره سواه وكتبه عنه أبو الرجاء الشيرازي وأبو النجيب الأرموي وغيره من الحفاظ الذين قدموا مصر وسمعه عليه أبو عبد الله بقراءة والده في المحرم سنة إحدى وأربعين وأربع مئة وفيها توفي في رجب وكان قد سمع من حمزة سنة سبع وخمسين وثلاث مئة وفيها مات حمزة وكان إماما في الحديث ومعرفة برجاله ورواته ومن جملة من يروي عنه أبو الحسن الدار قطني البغدادي وأبو عبد الله بن مندة الإصبهاني وغيرهما من الحفاظ بالمشرق والمغرب.
وقد ذكره الحاكم أبو عبد الله بن البيع الحافظ بنيسابور في معرفة علوم الحديث وأنه أحد الأربعة الذين كانوا في زمانه يشار عليهم بالحفظ.
وهذا الحديث يرويه عن حمزة نفر من حفاظ الحديث والفقهاء فيهم كثرة وأملاه أبو عمران الفاسي بالقيروان عن أبي الحسن بن القابسي وأبي زيد عبد الرحمن بن يحيى القابسي وأبي زيد عبد الرحمن بن يحيى العطار القرطبي عن حمزة.
أخبرنا أبو جعفر الجارودي أنبا أبو الفتح الشاشي أنبا محمد بن معاذ التميمي ثنا أبو عمران.
وقد كتب إلي أبو الفضل محمد بن عمر بن عبد العزيز البخاري من مكة قال: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن القاسم السمرقندي الحافظ بنيسابور يقول: سمعت أبا العباس جعفر بن محمد بن المستغفر النسفي الحافظ يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني الحافظ يقول: سمعت أبا القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ بمصر يقول: كنت أكتب الحديث فأصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ولا أسلم فرايت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قال لي: أما تتم الصلاة علي في كتابك! فما كتبت بعد 1 لك إلا صليت عليه وسلمت صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
ومما يدل على صحة هذا المنام ما أخبرنا به أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني ببغداد أنبأ أبو المظفر هناد بن إبراهيم بن محمد النسفي أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد بن مخلد بالبصرة ثنا عبد القاهر بن أحمد بن يحيى المازني ثنا أحمد بن عمرو الزئبقي حدثنا بن وهب العلاف ثنا بشر بن عبيد الله ثنا خازم بن بكر عن يزيد بن عياض عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام إسمي في ذلك الكتاب.
وفي شيوخ ابن أيوب كثرة ومن جملة ما كان ينفرد به: كتاب معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج حدث به عن القاضي أبي العلاء الواسطي عن أبي علي الفارسي النحوي.
وكتبنا عن ابنه أبي محمد سعد الله بن علي عن أبي جعفر بن مسلمة المعدل وغيره.
وكان صالحا ثقة وقد سمعت أبا محمد سعد الله بن علي بن أيوب ببغداد يقول: توفي والدي في ذي الحجة سنة اثنين وتسعين وأربع مئة وكان مولده سنة عشر.
ومنهم: محمد بن محمد بن عبيد الله بن أحمد بن أبي الرعد العكبري.
توفي ببغداد وأنابها في صفر سنة أربع وتسعين ولم يتفق لي سماع شيء عليه على أني قصدته غير مرة فلم أصل إليه لعارض مرض برح به وبلغ منه وحضرت جنازته.
وكان يروي عن ابن شهاب العكبري الراوي عن أبي بكر بن خلاد النصيبي وعن غير ابن شهاب.
وتولى أخذ إجازته لي قبل دخولي بغداد الشيخ أبو نصر اليونارتي رحمه الله وآخرون من الشيوخ قد ذهب علي أسماؤهم أخذ إجازتهم لي ولغيري من طلبة الحديث حمزة الطبري بعناية الشيخ أبي بكر الخاضبة الحافظ وقد حصرتهم في درج لم أجده الآن في جملة كتبي التي حملت إلي من إصبهان.
أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون البغدادي المعدل: فقد رأيت خطه على مجلد ذكر فيه ما بقي عنده من مسموعاته وسلم من الحوادث والحريق وقرأه عليه القاضي أبو علي السرقسطي المعروف بابن سكرة وهو بخط أحدابني هود الأمراء بالأندلس ما نصه هذا الذي أذكره فيما بعد وهو الآن في ملكي.
وكان من ثقات أهل الحديث والعارفين بقوانين التحديث كثير السماعات والشيوخ لا يقرن بأقرانه في المعرفة وكثرة المسموعات وممن يؤخذ عنه الجرح والتعديل وكان أبو بكر الخطيب الحافظ يثق به ويرجع إلى قوله وروى عنه في تاريخه ما يتعلق بتعديل وتجريح ونص خطه.
سمع مني جميع هذا الكتاب وهو أربعة كراريس الشيخ أبو عيسى لب بن هود بن لب الجذامي وأبو العباس أحمد بن عبد الله الأنصاري بقراءة الشيخ أبي علي الحسين بن محمد الصدفي الأندلسيون.
وقد أجزت لهم جميع ذلك مع سائر ما سمعته من جميع الشيوخ وما أجيز لي من جميع العلوم على اختلافها.
وقد أجزت لجميع بني هود ولمن أحب الرواية عني من غيرهم من جميع المسلمين من أهل السند ممن هو موجود في هذه السنة وللمقرىء أبي جعفر عبد الوهاب بن محمد الأنصاري كذلك أن يقولون كيف شاؤوا من أخبرنا إجازة أو أجاز لنا وكتب: أحمد بن الحسين بن خيرون بن إبراهيم في شهر رمضان من سنة ست وثمانين وأربع مئة.
والحمد لله
سمعت أبا محمد بن السراج اللغوي ببغداد يقول: قلما سألنا الشيخ أبا الحسن بن القزويني الإجازة إلا قال: أجزت لكم ولجميع المسلمين.
وسمعت أبا محمد سعد الله بن علي بن أيوب البزار ببغداد يقول: توفي أبو الفضل بن خيرون في رجب سنة ثمان وثمانين وأربع مئة وكان مولده سنة ست يعني وأربع مئة.
ومنهم: أبو الفضل محمد بن أحمد بن طوق: توفي رحمه الله تعالى في صفر سنة أربع وتسعين وأربع مئة وصلي عليه في المدرسة النظامية وقد صليت أنا عليه في جملة الناس وحضرت جنازته.
ولم أسمع عليه شيئا.
ولي منه إجازة وكان شافعي المذهب وقد روى عن أبي طالب بن غيلان وغيره من الشيوخ وأبو طالب أعلى شيخ له.
وكان من أهل الفضل والدين على ما ذكره لي أهل بغداد والذي تولى أخذ إجازته لي الشيخ أبو نصر بن اليونارتي أحسن الله إليه.
وأخذ من آخرين لم يقع إلي حديث واحد منهم ومن جملتهم: أبو بكر أحمد بن الحسين بن كيلان: وكامل بن بارح بن خطلح الشهابي التركي.
وأبو الفتح عبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيباني.
وفلان بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي.
وأحمد بن الحسن بن الحسين بن أبي قلاذ الحريمي.
وأبو الحسن علي بن أبي القاسم الدينوري الزاهد.
ومحمد بن الحسين بن عبد الله بن هريسة البزار.
والحسين بن أحمد بن أيوب العكبري.
وهبة الله بن عبد الرزاق الأنصاري.
وأما شيوخ البصرة فقد تولى أخذ الإجازة لي منهم صاحبنا الشيخ أبو نصر اليونارتي رحمه الله تعالى سنة إحدى وتسعين وكان من الحفاظ وكان رحل في الحديث إلى العراق وإلى خراسان واختار على الدعة الجولان حتى حصل له ما لم يحصل لأقرانه لملازمتهم إصبهان ودورانه ورحلته.
فأسنهم وأسندهم: الشريف أبو طاهر العباداني: الراوي عن أبي عمر الهاشمي كتاب السنن لأبي داوود وغيره.
وعن أبي الحسن النجاد وهو
قال لي أبو نصر: ولد سنة أربع وأربع مئة تخمينا وقال لي أبو زكريا يحيى بن محمد بن علي بن قيس النجراني من سكان البصرة وقد قدم علينا إصبهان.
توفي أبو طاهر جعفر بن أبي بكر العباداني البصري في جمادي الأولى سنة ثلاث وتسعين ونودي في البلد: من أراد الصلاة على ابن العباداني الزاهد فليحضر فاجتمع في جنازته أهل البصرة ولعله لم يتخلف منهم إلا اليسير ممن كان له عذر من مرض أو غيره من عرض.
كتب إليّ أبو طاهر جعفر بن محمد بن الفضل بن العباداني القرشي من البصرة.
ثنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي إملاء سنة ثلاث عشرة وأربع مئة ثنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي ثنا أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني ثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا الحكم بن مصعب ثنا محمد بن علي ابن عبد الله بن عباس عن أبيه أنه حدثه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب).
وكتب إلي أبو طاهر العباداني من البصرة ثنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ثنا أبو بشر عيسى بن إبراهيم الصيدلاني ثنا أبو يوسف القلوسي ثنا عبد الله بن رجاء أنبأ حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير ثنا أبو سلمة أن أبا هريرة حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه
وكتب إليّ أبو طاهر العباداني من البصرة وأنبا عنه أبو شجاع الكتاني البصري بنهر الدير أنبا أبو عمر القاسم بن عبد الواحد الهاشمي ثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن البختري المادرائي ثنا علي بن حرب الطائي ثنا عبد الله بن إدريس عن الأعمش عن شقيق قال: كان عبد الله يقول: إني لأخبر بمكانكم فما يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهية أن أملكم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحولنا بالموعظة كراهية السامة علينا.
قال المادرائي: وحدثناه أحمد بن عبد الجبار العطاردي: ثنا أبو معاوي ثنا الأعمشق عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يخزنه).
قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري ثهنا عبيد الله بن موسى أنبا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) قال حدثنا عباس بن محمد الدوري ثنا عبيد الله بن موسى أنبا سفيان عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك).
وكتب إليّ أبو طاهر هذا من البصرة: أنبا أبو الحسن عي بن القاسم النجاد ثنا أبو الحسن علي
بن إسحاق المادرائي ثنا أبو قلابة حدثني علي بن الجعد ثنا أبو يعلى أخو زيد بن هارون عن أبي حنيفة قال: كان الشعبي يحدث ورجل خلقه يغتابه فالتفت فقال: هَنَيئا مَريئاً غَيرَ دَاءٍ مُخامِرٍ لِعِزَةٍ مِن أَعراضِنا ما استَحَلَت ومنهم: القاضي أبو عمر محمد بن أحمد بن عمر النهاوندي: كتب إلي بما يرويه وكان عالي اإسناد معظما عند أهل تلك البلاد روى عن جده من قبل أمه أبي بكر البابسيري وابي محمد طلحة المواقيتي الراويين عن أبي إسحاق الهجيمي.
وكتبت عن ولده أبي طاهر لما دخلت البصرة سنة خمس مئة وأملى في جامعها يوم الجمعة مجلسا بانتخابي خرجته له عن شيوخه.
وكان من الثقات الأثبات وكذلك أبوه القاضي أبو عمر وكان قد عمر رحمهما الله تعالى.
كتب إليّ القاضي أبو عمر النهاوندي من البصرة ثنا جدي أبو بكر محمد بن الفضل بن العباس البابسيري ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي ثنا أبو بكر عبد الله بن مهران النحوي ثنا عفان بن مسلم ثنا شعبة أنبا أبو إسحاق عن حارثة بن وهبب الخزاعي قال: صلى رسول الله عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين).
وكتب إليّ القاضي أبو عمر النهاوندي من البصرة أنبا جدي أبو بكر البابسيري ثنا أبو غسحاق الهجيمي ثنا أبو قلابة ثنا أبو عاصم ثنا سفيان الثوري قال: بلغني عن الحسن أنه قال في الرجل يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثلاثا قال تلك أخلاق المؤمن).
وكتب إليّ القاضي أبو عمر النهاوندي من البصرة أنبا أبو محمد طلحة بن يوسف بن أحمد بن رمضان المواقيتي ثنا إبراهيم بن علي بن عفان ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن أبي خليل الضبعي عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل أن رجلا قال: يا رسول الله! إني تزوجت امرأة وتحتي أخرى فزعمت الأولى أنها أرضعت الحدثى قال أيوب: إما رضعة وإما رضعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحرم الإملاجة والإملاجتان).
ومنهم: قاضي البلد أبو الفرج: وكان من أجلاء القضاة وثقات الرواة ولي قضاء القضاة بالبصرة وأعمالها وروى عن القاضييين أبي الطيب الطبري وأبي الحسن الماوردي رآهما ببغداد.
وعن أبي طاهر بن بشر البصري وأبي الغنائم بن حماد الأهوازي وآخرين.
وذكر لي أبو محمد السمرقندي الحافظ ببغداد أنه قد وصل إليه كتاب من البصرة بموت القاضي أبي الفرج في محرم سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
كتب إليّ أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن الحسين قاضي البصرة أنبا أبو طاهر محمد بن علي بن بشر البصري أنبا طاهر بن عبد الله بن محمود أنبأ أبو خليفة ثنا مسدد بن مسرهد عن عيسى وهو ابن يونس ثنا معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أسلم على يد رجل فله ولاؤوه).
وكتب إليّ القاضي أبو الفرج أيضا من البصرة أنبا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري ببغداد ثنا محمد بن المعلى الأزدي أنبا محمد بن يحيى الصولي أنبا ثعلب عن ابن الأعرابي عن المفضل الضبي قال: أمر الحجاج بن يوسف بإحضار رجل من السجن فلما أحضر أمر بضرب عنقه فقال: أيها الأمير أخرني إلى غد أخر الله أجلك وبلغك أملك فقال: أخروه فمضي به إلى محبسه فسمع يقول:
عَسى فَرَجٌ يَأتي بِهِ اللَهُ إِنّهُ ** لَهُ كَلَّ يَومٍ في خَليقَتِهِ أَمرُ
فقال الحجاج: ما تراه أخذه إلا من القرآن: (كُلَ يَومٍ هو في شَأن).
ومنهم: أبو طاهر الدباس: وكان معدودا في الزهاد مالكي المذهب والاعتقاد روى عن أبي عبد الله بن داسة وغيره.
قال لي أبو طاهر المازني الحافظ بالبصرة: أبو طاهر هذا يعرف بابن دبقه وأثنى عليه.
وقال لي
صاحبنا أبو نصر اليونارتي الحافظ: ولد سنة سبع عشر وأربع مئة فيما سألته وحدثني بالبصرة.
كتب إليّ أبو طاهر أحمد بن محمد بن القاسم الدباس المالكي من البصرة ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن داسة البصري إملاءً ثنا أبو يعقوب يوسف بن يعقوب النجيرمي ثنا زكريا بن يحيى الساجي ثنا هدبة ثنا حماد بن سلمة عن حبيب عن الحسن وحميد عن مورق العجلي أن سلمان الفارسي لما حضرته الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك قال: عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليكن بلاغ أحدكم كزاد الركب.
قالا: فلما مات نظر في بيته فلم يجدوا إلا إداما وقرصا ومتاعا قومن بنحو عشرين درهما.
ومنهم: أبو طاهر بن محموية العبدي: قال لي أبو نصر اليونارتي الحافظ: أبو طاهر هذا هو محمد بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن علي بن مضر بن حباب العبدي الزاهد بن الزاهد ويعرف بابن محموية.
شيخ ثقة.
وسالته عن مولده فقال: سنة تسع وعشرين وأربع مئة في شهر ربيع الأول.
وقد سألت أنا عنه لما دخلت البصرة أبا محمد جابر بن محمد بن جابر التميمي الحافظ في جمادي الأولى سنة خمس مئة فقال: مات قبل وصولك بشهر وكان شيخا ثقة صاحب أصول صحيحة يروي عن ابن
كتب إليّ أبو طاهر محمد بن محمد بن إبراهيم بن محموية العبدي من البصرة ثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن أحمد البازكلي ثنا أبو الطيب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله العطار المقريء ثنا أبو خليفة ثنا أبو الوليد ثنا عبد الحميد ثنا شهر بن حوشب عن عبد الرحمن أن أبا ذر حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ الله تعالى يقول: يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك يعني ما كان منك ويا عبدي إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ولم تشرك بين لقيتك بقرابها مغفرة).
عبد الرحمن هذا الذي روى عنه شهر هو: ابن غنم شامي أشعري يروي عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وغيرهما من الصحابة.
روى عنه سوار بن شبيب وإسماعيل بن أبي المهاجر وآخرون.
وعبد الحميد الذي يروي عن شهر هو: ابن بهرام الفزاري المدائني روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وهاشم بن القاسم ومحمد بن يوسف الفريابي وآخرون وقد وثقه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل بن معين وغيرهم.
وممن كتب إليّ من مكة الحرم المقدس.
أبو مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي:
تولى أخذ إجازته لي أبو نصر محمود بن الفضل الأصبهاني سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة وكان يروي عن أبيه وقال: توفي أبي سنة وثلاثين وأربع مئة ومولدي أنا سنة خمس عشرة.
وجدت له سماعا عن أبي عبد الله الصنعاني الراوي عن أبي عبد الله النقوي عن إسحاق الدبري عن عبد الرزاق.
سمع عليه بمكة وكان الصنعاني أسند من أبيه أبي ذر.
ومما عندي الآن مما فيه سماعه عن أبيه كتاب الأسماء والكنى لمسلم وجزآن من أمالي ابن الأنباري وما جمعه هو في الأدعية وترجمه بكتاب الدعوات.
والجزء الذي فيه سماعه عن الصنعاني هو أيضا في ملكي.
وقد اجتمعنا في عرفات سنة سبع وتسعين لما حججت مع الشيخ والدي رحمه الله وقال لي الإمام أبو بكر محمد بن أبي المظفر السمعاني المروزي: اذهب بنا إليه لنقرأ شيئا عليه فقلت له: هذا الموضع موضع العبادة وإذا دخلنا إلى مكة نسمع عليه ونجعله من شيوخ الحرم المقدس فاستصوبه رحمه الله تعالى.
وقد كان ميمون بن ياسين الصنهاجي من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكة واستقدمه من سراة بني شبابة وبها كان سكناه وسكنى أبيه أبي ذر من قبل فاشترى منه صحيح البخاري أصل أبيه الذي سمعه فيه على أبي إسحاق المستملي وابي محمد الحمويي وأبي الهيثم الكشميهني عن الفربري عن البخاري بجملة كثيرة وسمعه عليه في عدة أشهر قبل وصول
الحجيج.
فلما حج ورجع من عرفات الى مكة رحل إلى سراة مع النفر الأول من أهل اليم