[ص 400] حرف الغين.
5753 - (غبار المدينة) النبوية (شفاء من الجذام) قال ابن جماعة: لما حج ابن المرحل المقدس سنة أحد وسبعين وسبع مئة ورجع إلى المدينة سمع شيخاً من المحدثين يقول كان في جسد بعض الناس بياض فكان يخرج إلى البقيع عرياناً وفي السحر ويعود فبرأ بذلك الغبار فكأن ابن المرحل حصل في نفسه شيء فنظر في يده فوجد فيها بياضاً قدر الدرهم فأقبل على اللّه بالدعاء والتضرع وخرج إلى البقيع وأخذ من رمل الروضة ودلك به ذلك البياض فذهب.
- (أبو نعيم في الطب) النبوي وكذا الديلمي (عن ثابت بن قيس بن شماس) بفتح المعجمة وشد الميم خطيب الأنصاري وممن شهد له النبي صلى اللّه عليه وسلم بالجنة.
5754 - (غبار المدينة يبرئ الجذام) هذا وما قبله مما لا يمكن تعليله ولا يعرف وجهه من جهة العقل ولا الطب فإن توقف فيه متشرع قلنا اللّه ورسوله أعلم وهذا لا ينتفع به من أنكره أو شك فيه أو فعله مجرباً بل ولا الآحاد.
- (ابن السني وأبو نعيم معاً في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي بكر بن محمد بن سلام مرسلاً).
5755 - (غبار المدينة يطفئ الجذام) قال السمهودي: قد شاهدنا من استشفى به منه وكان قد أضر به فنفعه جداً.
- (الزبير بن بكار في) كتاب (أخبار المدينة) وكذا ابن النجار وابن الجوزي وابن زبالة وغيرهم (عن إبراهيم بلاغاً) أي أنه قال بلغنا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ذلك رجاء ذلك عن ابن عمر مرفوعاً روى رزين عنه لما رجع النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم من تبوك تلقاه رجال من المخلفين فأثاروا غباراً فخمر أو غطى بعض من كان معه أنفه فأزال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللثام عن وجهه وقال: أما علمتم أن عجوة المدينة شفاء من السم وغبارها شفاء من الجذام ولابن زبالة عن صيفي عن أبي عامر مرفوعاً والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة وإنها شفاء من الجذام.
5756 - (غبن المسترسل حرام) قال الحنابلة: ويثبت الفسخ وقال أبو حنيفة والشافعي: لا وقال داود: يبطل البيع.
- (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه موسى بن عمير الأعمى وهو ضعيف جداً اهـ. وفي الميزان موسى بن عمير الأعمى القرشي كذبه أبو حاتم وغيره ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث وقال السخاوي: هو ضعيف لكن له شاهد اهـ ولقد أحسن المصنف حيث عقبه به فقال:
5757 - (غبن المسترسل ربا) أي أن ما غبنه به مما زاد على القيمة بمنزلة الربا في عدم حل تناوله.
- (هق عن أنس) قال الذهبي في التنقيح: المتهم بوضعه يعيش بن هشام القرقساني راويه عن مالك عن الزهري عن أنس (وعن جابر) بن عبد اللّه (وعن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ: سند هذا جيد.
5758 - (غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير من الدنيا وما فيها) الغدوة من أول النهار إلى الزوال والروحة منه إلى آخر [ص 401] النهار وسبيل اللّه طريق التقرب إليه بكل عمل خالص وأعلى أنواع التقربات الجهاد فالغدوة أو الروحة فيه خير من الدنيا وما فيها لأن بها ترتب ثوابها وبعض الثواب لو برز إلى الدنيا لاضمحلت وتلاشت دونه.
- (حم ق ه عن أنس) بن مالك (ق ت ن عن سهل بن سعد) الساعدي (م ه عن أبي هريرة ت عن ابن عباس) قال المصنف: هذا متواتر.
5759 - (غدوة في سبيل اللّه أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت) هو بمعنى ما قبله ففيه ما فيه.
- (حم م ن عن أبي أيوب) ورواه عنه أيضاً الديلمي وغيره.
5760 - (غرة العرب كنانة) بالكسر والتخفيف قبيلة معروفة أي هم أشراف العرب وخيارهم وسادتهم (وأركانها) أي دعائمها التي بها وجودها (تميم وخطباؤها أسد) حي معروف (وفرسانها قيس وللّه تعالى من أهل الأرض فرسان وفرسانه في الأرض قيس) القبيلة المشهورة.
- (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي ذر الغفاري).
5761 - (غزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر) في الأجر (والذي يسدر في البحر) أي يتحير وتدور رأسه من ريحه والسدر محركاً الدوار، وهو كثيراً ما يعرض لراكب البحر (كالمتشحط في دمه في سبيل اللّه).
- (ه عن أم الدرداء) ورواه عنها الديلمي أيضاً.
5762 - (غزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها والمائد فيه كالمتشحط في دمه) أي كالمذبوح المتلطخ بدمه يقال شحط الجمل ذبحه وهو بالسين المهملة كما في القاموس أعلا المائد الذي يدار برأسه من ريح البحر واضطراب السفينة.
- (ك عن ابن عمرو) بن العاص قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان: خالد بن يزيد أي أحد رجاله يروي الموضوعات عن الأثبات.
5763 - (غسل يوم الجمعة) تمسك به من قال الغسل لليوم للإضافة ومذهب الشافعية والمالكية وأبو يوسف للصلاة لزيادة فضلها على الوقت واختصاص الطهر بها كما مر دليلاً وتعليلاً (واجب) أي كالواجب في التأكيد أو في الكيفية لا في الحكم قال التوربشتي: وذلك لأن القوم كانوا عمالاً في المهنة يلبسون الصوف وكان المسجد ضيقاً ويتأذى بعضهم بريح عرق بعض فندبهم إلى الاغتسال بلفظ الوجوب ليكون أدعى إلى الإجابة وأما دعوى النسخ فلا ينقدح إلا بدليل ولا دليل بل مجموع الأحاديث تدل على استمرار الحكم وتأويل القدوري قوله واجب بمعنى ساقط وعلى بمعنى عن ركيك متعسف (على كل محتلم) أي بالغ لأن المراد حقيقته وهو نزول المني فإنه موجب للغسل يوم الجمعة وغيرها وخص الاحتلام لكونه أكثر ما يبلغ به الذكور كقوله لا يقبل اللّه صلاة حائض إلا بخمار لأن الحيض أغلب ما يبلغ [ص 402] به النساء.
- (مالك) في الموطأ (حم د ت ه عن أبي سعيد) الخدري لكن لفظ رواية مسلم غسل الجمعة على كل محتلم قال النووي: كذا وقع في جميع الأصول وليس فيه ذكر واجب.
5764 - (غسل يوم الجمعة واجب) أي ثابت لا ينبغي تركه لا ما يؤثم بتركه كما يقال رعاية فلان علينا واجبة (كوجوب غسل الجنابة) يعني كصفة غسل الجنابة فالتشبيه لبيان صفة الغسل لا لبيان وجوبه هذا هو الذي عليه التعويل وأخذ بظاهره جمع فأوجبوه علينا واختاره السبكي ونصره ابن دقيق العيد وقال: ذهب الأكثر إلى استحباب غسل الجمعة وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر وقد أولوا صيغة الأمر على الندب وصيغة الوجوب على التأكيد كما يقال إكرامكما عليّ واجب وهو تأويل ضعيف إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على الظاهر وأقوى ما عارضوا به حديث من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت إلخ ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث وربما أوّلوه تأويلاً مستكرهاً.
- (الرافعي) إمام الدين القزويني في التاريخ (عن أبي سعيد) الخدري ورواه الديلمي عن أبي هريرة.
5765 - (غسل القدمين بالماء البارد بعد الخروج من الحمام أمان من الصداع) أي من حدوث وجع الرأس.
- (أبو نعيم في الطب) النبوي (عن أبي هريرة).
5766 - (غسل الإناء وطهارة الفناء) أي نظافته قال في الفردوس: فناء الدار ساحتها (يورثان الغنى) الدنيوي والأخروي يحتمل أن المراد بالإناء القلب بدليل حديث إن للّه تعالى آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وبالفناء الصدر وما حول القلب من جنوده وطهارة القلوب فيه الغنى الأكبر والعز الأفخر قال القونوي: وطهارة القلوب تحصل بسبب قلة التعسفات والتعلقات أو إذهابها ما خلا تعلقه بالحق وبسبب قلة خواص الكثرة والصفات الإمكانية سيما أحكام إمكانات الوسائط وكدورة القلب والروح والحرمان والحجب والمنع ونحوها تكون بالصفات المقابلة بهذه ولكثرة الأحطام الإمكانية وخواص إمكانات الوسائط وكثرة التعلقات والإنصباغ بالخواص والأحكام المضرة المودعة في الأشياء التي هي مظاهر النجاسة وكما أن طهارة القلوب مما ذكر توجب مزيد الرزق المعنوي وقبول عطايا الحضرة الإلهية على ما ينبغي ووفور الحظ منها فكذا الطهارة الظاهر الصورية.
- (خط) في ترجمة علي بن محمد الزهري من حديثه عن أبي يعلى عن شيبان عن سعيد عن عبد العزيز (عن أنس) ورواه عنه أيضاً أبو يعلى الموصلي وعنه تلقاه الخطيب عازياً مصرحاً فعزوه للفرع دون الأصل غير جيد ثم فيه شيبان بن فروخ أورده الذهبي في ذيل الضعفاء المتروكين وقال أبو حاتم: يرى القدر اضطر إليه الناس بآخره وسعيد بن سليم قال الذهبي: ضعفوه وفي الميزان علي بن محمد الزهري عن أبي يعلى كذبه الخطيب وغيره وضع على أبي يعلى خبراً متنه غسل الإناء إلى آخر ما هنا.
5767 - (غشيتكم السكرتان سكرة حب العيش وحب الجاه) أي حب ما يؤدي إلى الجاه (فعند ذلك لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر والقائمون بالكتاب والسنة) حالتئذ (كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار) هذا [ص 403] الحديث خرجه الحكيم الترمذي على غير هذا السياق ولفظه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه أنتم اليوم على بينة من ربكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل اللّه ثم تظهر فيكم السكرتان سكرة العيش وسكرة الجهل وستحولون إلى غير ذلك يفشو فيكم حب الدنيا فإذا كنتم كذلك لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ولم تجاهدوا في سبيل اللّه والقائمون اليوم بالكتاب والسنة في السر والعلانية السابقون الأولون.
- (حل) من حديث موسى بن أيوب عن إبراهيم بن شعيب الخولاني وابن أدهم عن هشام عن أبيه (عن عائشة) وقال: غريب من حديث إبراهيم وهشام.
5768 - (غشيتكم الفتن) أي المحن أو البلايا (كقطع الليل المظلم أنجى الناس فيها رجل صاحب شاهقة) أي جبل عال (يأكل من رسل غنمه أو رجل أخذ بعنان فرسه من وراء الدروب) أي الطرق جمع درب كفلوس وفلس وأصله المدخل بين جبلين ثم استعمل في معنى الباب فيقال لباب السكة السكة درب وللمدخل الضيق درب وليس أصله عربياً (يأكل من سيفه).
- (ك) في الفتن (عن أبي هريرة) وقال: صحيح وأقره الذهبي.
5769 - (غضوا الأبصار) أي احفظوا الأعين عن النظر إلى ما لا يحل كامرأة أجنبية فإن النظر رائد الشهوة ورسولها وأصل حفظ الفرج فإن الحوادث مبدؤها من النظر فمن أطلق بصره أورده موارد الهلكان قال الغزالي: وفي غض الطرف تطهير القلب وتكثير للطاعة (واهجروا الدعار) أي الفساد والشر والخبث (واجتنبوا أعمال أهل النار) قال في الفردوس: أصل الدعر الفساد والشر والخبث يقال رجل داعر ورجال داعرون ودعار ودعرة .
فائدة: في تذكرة العلم البلقيني حكى بعض الثقات عن نفسه قال: لازمت الذكر مدة حتى خطر لي أني تأهلت وسافرت فوافقت في سفري شاباً نصرانياً جميلاً فلما فارقته تألمت لفراقه فدخلت أخميم وأنا متألم فحضرت ميعاد ابن عبد الظاهر فنظر إليّ وقال: ثم أناس يظنون أنهم الخواص وهم عوام العوام قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} ومن للتبعيض ومعناه أن لا ترفع شيئاً من بصرك إلى شيء من المعاصي.
- (طب عن الحكم بن عمير) الثمالي وفيه عيسى بن إبراهيم بن طهمان الهاشمي قال في الميزان عن البخاري والنسائي: منكر الحديث وعن أبي حاتم: متروك ثم ساق له أخباراً هذا منها.
5770 - (غط فخذك) يا معمر ورأيت في أصول كثيرة غط عليك فخذيك (فإن الفخذ) بفتح فكسر أو فسكون ويكسر فسكون أو فكسر (عورة) سميت عورة لأنه يستقبح ظهرها وتغض الأبصار عنها فيحرم نظر الرجل إلى عورة رجل وهي ما بين سرته وركبته ولو من محرم ولو مع أمن الفتنة وعدم الشهوة قال النووي: ذهب الأكثر إلى أن الفخذ عورة وعن أحمد ومالك في رواية العورة السوأتان فقط وبه قال الظاهرية والاصطخري.
- (ك) في اللباس من حديث أبي كثير مولى محمد بن جحش (عن محمد بن عبد اللّه بن جحش) بفتح الجيم وسكون المهملة وبالمعجمة الأسدي قتل أبوه بمؤتة وله عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وعائشة وقال البخاري قتل أبوه يوم أحد قال: مرّ النبي صلى اللّه عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان فذكره. قال في المنار: في سنده اضطراب لكنه ليس بعلة عند الأكثر اهـ. وقد سبق وسيجيء أن البخاري أسنده في تاريخه الكبير من حديث محمد المذكور وعلقه في صحيحه فهذا بعض اضطرابه وقال ابن حجر: رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير وقد روى عنه جمع ولم أجد فيه تصريحاً بتعديل ومعمر هو معمر [ص 404] بن عبد اللّه بن نضلة العدوي.
5771 - (غط فخذك) وفي رواية للعيسوي في فوائده من حديث حرب بن قبيصة بن مخارق الهلالي عن أبيه عن جده مرفوعاً وار فخذك (فإن فخذ الرجل من عورته) قاله وما قبله لما مر بمعمراً وجرهداً أو غيرهما وهو كاشف فخذه لا يناقضه كالحديث قبله خبر عائشة أن المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم كان مضطجعاً في بيته كاشفاً فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو كذلك ثم عمر وهو كذلك ثم عثمان فجلس فسوى ثيابه وقال: ألا نستحي من رجل تستحي منه الملائكة لاحتمال أن المراد بكشف فخذه أنه كان مجرداً عن الثوب الذي يخرج به للناس وليس عليه إلا ثوب مهنة وذلك هو اللائق بكمال حياته وقد استدل بهذا الحديث البخاري وغيره على أن الفخذ عورة واعترضه الإسماعيلي بأنه لا تصريح فيه بعدم الحائل ولا يقال الأصل عدمه.
- (حم ك) في اللباس (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكنه قال في التنقيح: فيه ضعف.
5772 - (غطوا حرمة عورته) أي عورة الصبي (فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير (ولا ينظر اللّه إلى كاشف عورته) قاله لما رفع إليه محمد بن عياض الزهري وهو صغير وعليه خرقة لم توار عورته فذكره واستدلّ به من ذهب من أئمتنا إلى حل نظر فرج الصبي الذي لم يميز والأصح عند الشافعية خلافه وأجابوا عن الحديث بأن ظاهر قوله رفع وكونها واقعة حال قولية والاحتمال يعمها يمنع حمله على التمييز.
- (ك) في المناقب (عن محمد بن عياض الزهري) قال: رفعت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في صغري وعليّ خرقة فذكره كذا استدركه على الشيخين وتعقبه الذهبي بأن إسناده مظلم ومتنه منكر ولم يذكروا محمد بن عياض في الصحابة.
5773 - (غطوا الإناء) أي استروه والتغطية الستر والأمر للندب سيما في الليل (وأوكئوا السقاء) مع ذكر اسم اللّه في هذه الخصلة وما قبلها وبعدها من الخصال فاسم اللّه هو السور الطويل العريض والحجاب الغليظ المنيع من كل سوء قال القرطبي: هذا الباب من الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية نحو {وأشهدوا إذا تبايعتم} وليس الأمر الذي قصد به الإيجاب وغايته أن يكون من باب الندب بل جعله جمع أصوليون قسماً منفرداً عن الوجوب والندب (فإن في السنة ليلة) قال الأعاجم في كانون الأول (ينزل فيها وباء لا يمر بإناء لم يغط ولا سقاء لم يوك إلا وقع فيه من ذلك الوباء) بالقصر والمد الطاعون والمرض العام قال النووي: فيه جملة من أنواع الآداب الجامعة وجماعها تسمية اللّه في كل فعل وحركة وسكون لتحصل السلامة من الآفات الدنيوية والأخروية.
- (حم م) في الأشربة (عن جابر) بن عبد اللّه وفي رواية لمسلم أيضاً يوماً بدل ليلة.
5774 - (غطوا) وفي رواية لمسلم أكفئوا (الإناء وأوكئوا السقاء وأغلقوا الأبواب وأطفئوا السراج) أي أذهبوا نورها [ص 405] (فإن الشيطان) هو هنا للجنس أي الشياطين (لا يحل سقاء ولا يفتح باباً) أغلق مع ذكر اللّه عليه كما يوضحه الخبر المار في الهمزة حيث قال لا يفتح باباً أجيف وذكر اسم اللّه عليه (ولا يكشف إناء) كذلك قال ابن العربي هذا من القدرة التي لا يؤمن بها إلا الموحدة وهو أن يكون الشيطان يتصرف في الأمور الغريبة العجيبة ويتولج في المسام الضيقة فتعجزه الذكرى عن حل الغلق والوكاء وعن التولج من سائر الأبواب والمنافذ (فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض) ضبطه الأصمعي بضم الراء وأبو عبيدة بكسرها. قال القرطبي: والوجه الأول أي يجعل العود معروضاً على فم الإناء (على إنائه عوداً) أي بنصبه عليه بالعرض إن كان الإناء مربعاً فإذا كان مستدير الفم فهو كله عرض هذا إن كان فيه شيء فإن كان فارغاً كفاه على فمه (ويذكر اسم اللّه) عليه في هذا وما قبله فإنه الحجاب المنيع بين الشيطان والإنسان (فليفعل) ولا يتركه (فإن الفويسقة) أي الفأرة سماها الفويسقة في معرض الذم لوجود معنى الفسق فيها وهو الخروج من شيء إلى غيره وذلك هنا إلى المذموم والأذى مذموم فمن يقع منه مذموم (تضرم على أهل البيت) وفي رواية على الناس (بيتهم) أي تحرقه سريعاً وهو بضم التاء وسكون الضاد المعجمة وأضرم النار أوقدها والضرمة بالتحريك النار وقد أفاد ما تقرر آنفاً أن ذكر اللّه يحول بين الشيطان وبين فعل هذه الأشياء وقضيته أنه يتمكن من كل ذلك إذا لم يذكر اسم اللّه عليه وقد ترددّ ابن دقيق العيد في ذلك فقال: يحتمل أن يجعل قوله فإن الشيطان إلخ على عمومه ويحتمل تخصيصه بما ذكر اسم اللّه عليه، ويحتمل أن يكون المنع من اللّه بأمر خارج عن جسمه قال: والحديث دلّ على منع دخول الشيطان الخارج لا الداخل فيكون ذلك لتخفيف المفسدة لا رفعها ويحتمل كون التسمية عند الإغلاق ونحوه تطرده من البيت وعليه فينبغي أن تكون التسمية من ابتداء الإغلاق إلى تمامه وأخذ منه ندب غلق الفم عند التثاؤب لدخوله في عموم الأبواب مجازاً.
- (م ه) في الأشربة (عن جابر) بن عبد اللّه.
5775 - (غفار) بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء غير مصروف باعتبار القبيلة وهم بنو غفار بن مليل ـ بميم ولامين مصغراً (غفر اللّه لها) ذنب سرقة الحاج في الجاهلية، وفيه إشعار بأن ما سلف منها مغفور (وأسلم سالمها اللّه) بفتح اللام من المسالمة وترك الحرب أي صالحها لدخولها في الإسلام اختياراً بغير حرب، وقوله غفر اللّه وسالمها خبرين أريد بهما الدعاء أو هما خبران على بابهما ويؤيده قوله (وعصية) بمهملتين مصغراً وهم بطن من بني سليم (عصت اللّه ورسوله) بقتلهم القراء ببئر معونة ونقض العهد فلا يجوز حمله على الدعاء. فيه إظهار شكاية منهم فيستلزم الدعاء عليهم وما أحسن هذا الجناس وألذه على السمع وأعلقه بالقلب.
- (حم ق ت) في المناقب (عن ابن عمر) بن الخطاب، وفي الباب أبو قرصافة وسمرة وغيرهما.
5776 - (غفر اللّه لرجل ممن كان قبلكم) من الأمم السابقة (كان سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا قضى، سهلاً إذا اقتضى) قال ابن العربي: السهل والسمح ينظران من مشكاة واحدة، ويجربان على سنن واحد ويتعلقان بمتعلق واحد، وقوله ممن كان قبلكم كالحث لنا على امتثال ذلك لعل اللّه أن بغفر لنا وهذا الحديث قد تعلق به من جعل شرع من قبلنا شرع لنا لأنه تعالى ذكره لنا على لسان رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ذكراً ووعظاً والحديث [ص 406] أصل في تكفير السيئات بالحسنات وتمسك به من فضل الغنى على الفقر قالوا: فإذا كان هذا الغفران في مجرد المساهلة فما بالك بمن تصدق وأطعم الجياع وكسى العراة؟
- (حم ت هق عن جابر) ذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري قال حديث حسن وبه يعرف أن نسبة المصنف تحسينه للترمذي دون إمام الفنّ قصور، والمحسن إنما هو قاضي الفنّ وحاكمه والترمذي ناقل.
5777 - (غفر اللّه عز وجل) خبر لا دعاء كما تفيده رواية أحمد عن أنس أن شجرة كانت على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها فغفر له (لرجل أماط) أزال (غصن شوك عن الطريق) لئلا يؤذي الناس (ما تقدم من ذنبه وما تأخر) قال ابن العربي: هذا بأن تكون اعتدلت كفتا أعماله فلما وضعت في كفة الحسنات إماطته رجحت الكفة فكان ذلك علامة على المغفرة اهـ. ولا حاجة لذلك بل الكريم قد يجازي على القليل بالكثير ولهذا قال جمع عقب الحديث: إن قليل الخير يحصل به كثير الأجر وفضل اللّه واسع، وقال آخرون: هذا من مزيد كرم اللّه تعالى وتقدس حيث لم يضع عمل عامل وإن كان يسيراً، فهو سبحانه يجازي العبد على إحسانه إلى نفسه، والمخلوق إنما يجازي من أحسن إليه وأبلغ من ذلك أنه هو الذي أعطى العبد ما يحسن به إلى نفسه وغيره وجازاه عليه بأضعاف مضاعفة لا نسبة لإحسان العبد إليها فهو المحسن بإعطاء الإحسان.
- (ابن زنجويه عن أبي سعيد) الخدري (وأبي هريرة معاً) ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي.
5778 - (غفر) بالبناء للمفعول بضبط المصنف أي غفر اللّه (لامرأة) لم تسم (مومسة) بضم الميم الأولى وكسر الثانية بضبطه (مرت بكلب على رأس ركيّ) بفتح الراي وكسر الكاف وشد التحتية بئر (يلهث) بمثلثة يخرج لسانه من شدة الظمأ (كاد يقتله العطش) لشدته وفي رواية يأكل الثرى من العطش أي التراب الندي (فنزعت خفها) من رجلها (فأوثقته) أي شدته (بخمارها) بكسر الخاء أي بغطاء رأسها والخمار ككتاب ما يغطى به الرأس (فنزعت) جذبت وقلعت (له من الماء) أي بالبئر فسقته (فغفر لها بذلك) أي بسبب سقيها للكلب على الوجه المشروح فإنه تعالى يتجاوز عن الكبيرة بالعمل اليسير إذا شاء فضلاً منه. قال ابن العربي: وهذا الحديث يحتمل كونه قبل النهي عن قتل الكلاب وكونه بعده فإن كان قبله فليس بناسخ لأنه إنما أمر بقتل كلاب المدينة لا البوادي على أنه وإن وجب قتله يجب سقيه ولا يجمع عليه حرّ العطش والموت، ألا ترى أن المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم لما أمر بقتل اليهود شكوا العطش فقال: لا تجمعوا عليهم حرّ السيف والعطش فسقوا واستدل به على طهارة سؤر الكلب لأن ظاهره أنها سقت الكلب من خفها ومنع باحتمال أن تكون صبته في شيء فسقته أو غسلت خفها بعد أو لم تلبسه على أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا، ولو قلنا به فمحله ما لم ينسخ .
فائدة: قال شيخنا الشعراني: سقط على قلب زوجتي شيء فوصلت لحالة الموت فصاحت أهلها وإذا بقابل يقول وأنا بمجاز الخلاء خلص الذبابة من ضبع الذباب من الشق الذي تجاه وجهك ونحن نخلص لك زوجتك فوجدته عاضاً عليها فخلصتها فخلصت زوجتي حالاً.
- (خ) في بدء الخلق (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه وهو كذلك من حيث اللفظ وأما بمعناه فرواه مسلم أيضاً.
5779 - (غفر اللّه عز وجل لزيد بن عمرو) بن نفيل (ورحمه فإنه مات على دين إبراهيم) الخليل ولم يعبد الأصنام وسبق [ص 407] أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رأى له في الجنة درجتين وقوله غفر اللّه إلخ يحتمل الخبر ويحتمل الدعاء.
- (ابن سعد) في الطبقات (عن سعيد بن المسيب مرسلاً).
5780 - (غلظ القلوب والجفاء في أهل المشرق) قال القرطبي: شيئان لمسمى واحد كقوله {إنما أشكو بثي وحزني إلى اللّه} ويحتمل أن المراد بالجفاء أن القلب لا يميل لموعظة ولا يجتمع لتذكرة والمراد بالغلظ أنها لا تفهم المراد ولا تعقل المعنى وفي خبر مرّ رأس الكفر نحو المشرق قال النووي: كان ذلك في عهده حين يخرج الدجال وهو فيما بين ذلك منشأ الفتن العظيمة ومثار الترك الغاشمة العاتية (والإيمان والسكينة) أي الطمأنينة والسكون (في أهل الحجاز) لا يعارض خبر الإيمان يمان إذ ليس فيه النفي عن غيرهم ذكره ابن الصلاح.
- (حم م عن جابر) قال الهيثمي: وهو في الصحيح يعني صحيح البخاري باختصار أهل الحجاز.
5781 - (غنيمة أهل مجالس الذكر الجنة) أي غنيمة توصل للدرجات العلى في الجنة لما فيه من الثواب.
- (حم طب) وكذا الديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وإسناد أحمد حسن.
5782 - (غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال) قال أبو البقاء: ظاهر اللفظ يدل على أن غير الدجال هو المخاف وليس معنى الحديث هذا إنما معناه أني أخاف على أمتي من غير الدجال أكثر من خوفي منه، فعليه يكون فيه تأويلان أحدهما أن غير مبتدأ وأخوف خبر مبتدأ محذوف أي غير الدجال أنا أخوف على أمتي منه الثاني أن يكون أخوف على النسب أي غير الدجال ذو خوف شديد على أمتي كما تقول فلانة طالق أي ذات طلاق قال وقوله (الأئمة المضلين) كذا وقع في هذه الرواية بالنصب والوجه أن تقديره من تعني بغير الدجال قال أعني الأئمة وإن جاء بالرفع كان تقديره الأئمة المضلون أخوف من الدجال أو غير الدجال الأئمة اهـ قال بعضهم: لما استعظم صحبه أمر الدجال وأشار به إلى أنه لم ينذرهم منه خوفاً منه عليهم لأنهم لم يتخالجهم في اللّه شك إذ ليس كمثله شيء بل إيذاناً بأن خروجه في زمن بأس وضيق وقال ابن العربي: هذا لا ينافي خبر لا فتنة أعظم من فتنة الدجال لأن قوله هنا غير الدجال إلخ إنما قاله لأصحابه لأن الذي خافه عليهم أقرب إليهم من الدجال فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه يشتد الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه به ولو كان أشد.
- (حم) وكذا الديلمي (عن أبي ذر) قال الحافظ العراقي: سنده جيد ورواه مسلم في آخر الصحيح بلفظ غير الدجال أخوفني عليكم ثم ذكر حديثاً طويلاً.