*2* حرف الجيم
3573 - (جاءني جبريل) أي على هيئة من الهيئات المارة فقد سبق أنه كان يأتيه على كيفيات (فقال يا محمد إذا توضأت) وضوء الصلاة (فانتضح) أى رش الفرج والإزار الذي يليه بماء قليل بعد الوضوء لنفي الوسواس أو رشه بالماء بعد الاستنجاء لينتف ذلك أو استنج بالماء أو صب الماء على العضو ولا تقتصر على مسحه فإنه لا يجزئ والأول كما قال النووي هو قول الجمهور وهو كما قال ابن سيد الناس: الأرجح ويؤيده ما صح أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان إذا توضأ نضح فرجه بالماء.
- (ت) في الطهارة (ه) من حديث الحسن بن علي الهاشمي عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن الترمذي اقتصر على تخريجه فلم يتعقبه بقادح والأمر بخلافه بل عقبه بقوله حديث غريب سمعت محمداً يعني البخاري يقول الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث اهـ. وقال العقيلي: لا يتابع على ما حدث به قال الدارقطني: ضعيف [ص 343] بمرة وقال ابن الجوزي في العلل: حديث باطل اهـ.
3574 - (جار الدار أحق بدار الجار) فللجار إذا باع جاره داره أن يأخذها بالشفعة وعليه الحنفية وتأوله الشافعية وفيه نوع من البديع ويسمى العكس والتبديل وهو تقديم جزء على جزء ثم تأخير المقدم وتقديم المؤخر نحو كلام السيد سيد الكلام.
- (ن ع حب عن أنس) بن مالك (حم د ت عن سمرة) بن جندب قال الترمذي: حسن صحيح اهـ قال مغلطاي فيما كتبه على الترمذي: قال ابن حزم قال ابن حبان والدارقطني أخطأ الترمذي إنما هو موقوف على الحسن اهـ.
3575 - (جار الدار أحق بالشفعة) أي مقدم على الأخذ بها على غيره وهذا من أدلة من أثبت الشفعة للجار كالحنفية وللمخالفين عنه أجوبة شهيرة.
- (طب عن سمرة) بن جندب وضعفه الهيثمي وغيره.
3576 - (جار الدار أحق بالدار من غيره) أي إذا باعها جاره.
- (ابن سعد) في الطبقات (عن شريد بن سويد) الثقفي قيل: هو من حضرموت فخالف ثقفياً شهد الحديبية.
3577 - (جالسوا) في رواية جالس بالإفراد فيه وفيما بعده (الكبراء) الشيوخ الذين لهم التجارب وقد سكنت حدتهم وذهبت خفتهم لتتأدبوا بآدابهم وتتخلقوا بأخلاقهم أو أراد من له رتبة في الدين وإن صغر سنه وكبير الحال من جمع علم الوراثة إلى علم الدراسة وعلم الأحكام إلى علم الإلهام وقال بعضهم: مجالسة الصالحين هي الإكسير للقلوب بيقين لكن لا يشترط ظهور الأثر حالاً وسيظهر بصحبتهم بعد حين وحسبك بصحبتهم إضافة التشريف والاختصاص وفي قواعد زروق: الولي إذا أراد أغنى ومنه قول الناس خاطري أن أكون على بالك لعل اللّه ينظر إلي فيما أنا فيه قال: وأكثرهم في البداية يسرع أثر مقاصدهم في الوجود لاشتغالهم بما يعرض بخلافه في النهاية لاشتغال قلوبهم باللّه تعالى قال العارف ابن عربي: والمأمور بمجالستهم من الشيوخ هم العارفون بالكتاب والسنة القائلون بها في ظواهرهم المتحققون بها في بواطنهم يراعون حدود اللّه ويوفون بعهده ويقومون بمراسم الشريعة وهم الذين إذا رؤوا ذكر اللّه أما من ليس لهم في الظاهر ذلك التحفظ فنسلم لهم أحوالهم ولا يصحبون ولو ظهر عليهم من خرق العوائد ما عسى أن يظهر فلا يعول عليه مع سوء أدبه مع الشرع وهل للمريد أن يجالس غير شيخه فيه خلاف قال بعضهم: نعم إذا ظهر للمريد أن الشيخ الآخر ممن يقتدى به فله ذلك وقال آخرون: لا كما لا يكون المكلف بين رسولين مختلفي الشرائع والمرأة بين زوجين وهذا إذا كان مريد تربية فإن كان يريد صحبة البركة فلا مانع من الجمع لأنه ليس تحت حكمهم لكن لا يجيء منه رجل في الطريق اهـ. وقال رجل للعارف ياقوت العرش: ما بال سوس الفول يخرج صحيحاً إذا دش وسوس القمح يخرج ميتاً مطحوناً فقال: لأن الأول جالس الأكابر فحفظوه والثاني صحب الأصاغر فطحن معهم ولم يقدروا على حمايته قال العارف المرصفي: وإذا كان من يجالس أكابر الأولياء يحفظ من الآفات فكيف من يجالس رب الأرض والسماوات.
قال الزركشي: قال في هذه الرواية جعلها وفي غيرها خلق فإن قيل كيف هذا والرحمة صفة للّه عز وجل وهي إما صفة ذات فتكون قديمة أو صفة فعل فكذلك عند الحنفية قيل عند الأشعري أن صفة الفعل حادثة وأصل النعمة الرحمة ورواية جعل أشبه من خلق وتؤول بما أول به {إنا جعلناه قرآناً عربياً}.
- (ق عن أبي هريرة) ورواه أحمد عن سلمان.
3588 - (جعل اللّه الأهلة) جمع هلال (مواقيت للناس) للحج والصيام (فصوموا) رمضان (لرؤيته) أي الهلال هو واحد الأهلة (وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم) أي حال بينكم وبينه غيم أي سحاب (فعدوا) شعبان (ثلاثين يوماً) ثم صوموا وإن لم تروه وعدوا رمضان ثلاثين يوماً ثم أفطروا وإن لم تروه فإن الشهر يكون تسعة وعشرين وثلاثين ولا [ص 348] يكون أنقص ولا أكثر من ذلك.
- (ك عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه أبو نعيم والطبراني والديلمي عن طلق بن علي ورواه الدارقطني عن قيس بن طلق عن أبيه وقال: فيه محمد عن جابر ليس بقوي وقيس ضعفه أحمد وابن معين ووثقه العجلي.
3589 - (جعل اللّه التقوى زادك) أي المسافر وقد سألنا أن ندعو له (وغفر ذنبك) أي محا عنك ذنوبك فلم يؤاخذك بها (ووجهك) بشدة الجيم (للخير) أي البركة والنمو (حيث ما تكون) أي في أي جهة توجهت إليها قاله لقتادة حين ودعه فيندب قول ذلك للمسافر مؤكداً.
- (طب) وكذا الديلمي (عن قتادة بن عياش) أبي هاشم الجرشي وقيل الرهاوي.
3590 - (جعل اللّه عليكم صلاة قوم أبرار يقومون الليل ويصومون النهار ليسوا بأثمة) بالتحريك أي بذوي إثم (ولا فجار) جمع فاجر وهو الفاسق والظاهر أن المراد بالصلاة هنا الدعاء من قبيل دعائه لقوم أفطر عندهم بقوله صلت عليكم الملائكة.
- (عبد اللّه بن حميد والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك.
3591 - (جعل اللّه الحسنة بعشر أمثالها الشهر بعشرة أشهر) أي صيام الشهر وهو رمضان بعشرة أشهر (وصيام ستة أيام بعد الشهر تمام السنة) قال في الفردوس: وهذا معنى قوله صلى اللّه عليه وسلم من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فقد صام السنة كلها انتهى.
- (أبو الشيخ [ابن حبان] في) كتاب (الثواب عن ثوبان) مولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم.
3592 - (جعل اللّه عذاب هذه الأمة في دنياها) أي بقتل بعضهم بعضاً في الحروب والاختلاف ولا عذاب عليهم في الاخرة وهذه بشرى عظيمة لهم [هذه بشرى عظيمة لهم: إذا صح الحديث. وحيث أنه لم يصح، فذلك يحول دون التواكل. دار الحديث.
وورد في هذا المعنى الحديث 1622: أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة، إنما عذابها في الدنيا: الفتن، والزلازل، والقتل، والبلايا. دار الحديث] .
جعل لها معاني: أحدها: الشروع في الفعل كأنشأ وطفق ولها اسم مرفوع وخبر منصوب ولا يكون غالباً إلا فعلاً مضارعاً مجرداً من أن. قال ابن مالك: وقد تجيء جملة فعلية مصدرة بإذا كقول ابن عباس: فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً. الثاني: بمعنى اعتقد فتنصب مفعولين نحو {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً}. الثالث: بمعنى صبر فتنصب مفعولين أيضاً نحو {فجعلناه هباءاً}. الرابع: بمعنى أوجد وخلق فتتعدى إلى مفعول واحد نحو {وجعل الظلمات والنور}. الخامس: بمعنى أوجب نحو جعل للعامل كذا. السادس: بمعنى ألقى كجعلت بعض متاعي على بعض.
- (طب عن عبد اللّه بن يزيد) بن حصن بن عمرو الأوسي الخطمي شهد الحديبية.
3593 - (جعلت قرة عيني في الصلاة) لأنه كان حالة كونه فيها مجموع الهم على مطالعة جلال اللّه وصفاته فيحصل له من آثار ذلك ما تقر به عينه.
سئل ابن عطاء اللّه هل هذا خاص بنبينا صلى اللّه عليه وسلم أم لغيره منه شرب فقال: قرة العين بالشهود على قدر المعرفة بالمشهود وليس معرفة كمعرفته فلا قرة عين كقرته انتهى ومحصوله أنه ليس من خصائصه صلى اللّه عليه وسلم لكنه أعطي في هذا المقام أعلاه وبذلك صرح الحكيم الترمذي فقال: إن الصلاة إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم فلمحمد صلى اللّه عليه وسلم من ربه تعالى بحر ولما سواه أنهار وأودية فكل إنما ينال من الصلاة [ص 349] من مقامه فالأنبياء ثم خلفاؤهم الأولياء ينالون من الصلاة مقاماً عالياً وليس للعباد والزهاد والمتقين فيه إلا مقام الصدق ومجاهدة الوسوسة ومن بعدهم من عامة المسلمين لهم مقام التوحيد في الصلاة والوساوس معهم بلا مجاهدة والأنبياء وأعاظم الأولياء في مفاوز الملكوت وليس للشيطان أن يدخل تلك المفاوز وما وراء المفاوز حجب وبساتين شغلت القلوب بما فيها عن أن يخطر ببالهم ما وراءها انتهى.
- (طب عن المغيرة) بن شعبة ورواه عنه الخطيب في التاريخ أيضاً.
3594 - (جعلت لي الأرض مسجداً) أي كل جزء منها يصلح أن يكون مكاناً للسجود أو يصلح أن يبنى فيه مكاناً للصلاة ولا يرد عليه أن الصلاة في الأرض المتنجسة لا تصح لأن التنجس وصف طارئ والاعتبار بما قبله (وطهوراً) فيه إجمال يفصله خبر مسلم جعلت لنا الأرض مسجداً وتربتها لنا طهوراً والخبر وارد على منهج الامتنان على هذه الأمة بأن رخص لهم في الطهور بالأرض والصلاة في بقاعها وكان من قبلهم إنما يصلون في كنائسهم وفيما يتيقنوا طهارته قال الحافظ العراقي: وعموم ذكر الأرض هنا مخصوص بغير ما نهى الشارع عن الصلاة فيه كخبر الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ثم هذا الخبر وما بعده قد تمسك بظاهره الحنفية في تصحيحهم أن يجمع بتيمم واحد أكثر من فرض قالوا: يريد بقوله طهوراً مطهراً وإلا لما تحققت الخصوصية لأن طهارة الأرض بالنسبة إلى جميع الأشياء ثابتة وإذا كان مطهراً تبقى طهارتها إلى وجود غايتها من وجود الماء أو ناقض آخر ونوزعوا من طرف الشافعية المانعين للجميع بأن القول بموجب طهوريته لا يفيد إلا أنه مطهر وليس الكلام فيه بل في بقاء تلك الطهارة المفارقة به بالنسبة لغرض آخر وليس فيه دليل عليه وردوا عليهم بما فيه تكلف وتعسف يظهر ببادي الرأي للمصنف.
- (ه عن أبي هريرة د عن أبي ذر) الغفاري.
3595 - (جعلت لي كل أرض طيبة) بالتشديد من الطيب الطاهر أي نظيفة غير خبيثة (مسجداً وطهوراً) قال الزين العراقي: أراد بالطيبة الطاهرة وبالطهور المطهر لغيره فلو كان معنى طهوراً طاهراً لزم تحصيل الحاصل وفيه أن الأصل في الأشياء الطهارة وإن غلب ظن النجاسة وأن الصلاة بالمسجد لا تجب وإن أمكن بسهولة وكان جاراً بالمسجد وخبر لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد لم يثبت وبفرضه المراد لا صلاة كاملة وهذا الخبر وما بعده قد احتجت به الحنفية على جواز التيمم بسائر ما على وجه الأرض ولو غير تراب وأخذ منه بعض المجتهدين أنه يصح التيمم بنية الطهارة المجردة لأنه لو لم يكن طهارة لم تجز الصلاة به وخالف الشافعي وردَّ ذلك بأنه مجاز لتبادر غيره والأحكام تناط باسم الحقيقة دون المجاز وبأنه لا يلزم من نفي الطهارة الحقيقية نفي المجازية.
قال القاضي: قد جاء فعول في كلام العرب لمعان مختلفة منها المصدر وهو قليل كالقبول والولوغ ومنها الفاعل كالصفوح والشكور وفيه مبالغة ليست في الفاعل ومنها المفعول كالركوب والحلوب ومنها ما يفعل به كالوضوء والغسول والفطور ومنها الإسمية كالذنوب وقد حمل الشافعي {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً} على المعنى الرابع لقوله {ليطهركم به} ولقوله في هذا الخبر جعلت إلى آخره وهو ههنا بمعنى المصدر. (تتمة) قال في الاختيار: إنما جعلت الأرض له مسجداً بوفور الحظ البارز على جميع الرسل منه تعالى ولأمته من حظه ما برزوا به على جميع الأمم حتى أقبل اللّه عليهم فإقباله عليهم طهرت بقاع الأرض حيثما انتصبوا فإذا كبروا رفعت الحجب ودخلوا في ستره وطهرت البقاع لهم حيثما وقفوا وإنما جعلت طهوراً فإنهم إذا لم يجدوا الماء الذي جعله اللّه طهوراً للخلق تطهروا بالصعيد فجعل ما تحت أقدامهم طهوراً لهم عند فقد ما فوق رؤوسهم من الماء المذكور في قوله {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} وهو ماء الحياة الراكد تحت العرش خلقه اللّه حياة لكل شيء فمنه حياة القلوب ومنه حياة الأرواح.
- (حم والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضاً ابن المنذر وابن الجارود قال ابن حجر: وإسناده صحيح.
[ص 350] 3596 - (جعل اللّه الخير كله في الربعة) يعني المعتدل الذي ليس بطويل ولا بقصير وخير الأمور أوساطها ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ربعة قال السخاوي: وما اشتهر على الألسنة من خبر ما خلا قصير من حكمة لم أقف عليه.
- (ابن لال) وكذا الديلمي عن عائشة بإسناد ضعيف.
3597 - (جلساء اللّه غداً) أي في الآخرة (أهل الورع) أي المتقون للشبهات (والزهد في الدنيا) لأن الدنيا يبغضها اللّه ولم ينظر إليها منذ خلقها وبقدر قرب الإنسان منها يكون بعده عن اللّه وبقدر بعده منها يكون قربه إلى اللّه فكلما ازداد منها بعداً ازداد من ربه قرباً فلا يزال يقرب حتى يشرفه بإجلاسه عنده.
- (ابن لال) في مكارم الأخلاق (عن سلمان) الفارسي ورواه عنه الديلمي أيضاً بإسناد ضعيف.
3598 - (جلوس الإمام) أي الذي يقتدي به في الصلاة (بين الأذان والإقامة في صلاة المغرب من السنة) بقدر ما يتطهر المقتدون قال ابن عبد الهادي كابن الجوزي: وفيه أنه يسن الجلوس بين أذان المغرب وإقامتها وهو مذهب أحمد وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يسن انتهى.
- (فر) وكذا تمام في فوائده (عن أبي هريرة) وفيه هيثم بن بشير أورده الذهبي في الضعفاء وقال ثقة حجة يدلس وهو في الزهري لين انتهى.
3599 - (جمال الرجل فصاحة لسانه) أي أن يكون من فصحاء المصاقع الذين أورثوا سلاطة الألسنة وبسطة المقال بالسليقة من غير تصنع ولا ارتجال ولا يناقضه خبر إن اللّه يبغض البليغ من الرجال لأن ذلك فيما كان فيه نوع تيه ومبالغة في التشدق والتفصح وذا في خلقي صحبه اقتصاد وساسه العقل ولم يرد به الاقتدار على القول إلى أن يصغر عظيماً عند اللّه أو يعظم صغيراً أو ينصر الشيء وضده كما يفعله أهل زماننا ذكره ابن قتيبة قالوا: وذا من جوامع الكلم.
- (القضاعي) والعسكري كلاهما من حديث محمد بن المنكدر (عن جابر) وكذا رواه عنه الخطيب والقضاعي وفيه أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود قال في الميزان عن الخطيب كذاب ومن بلاياه هذا الخبر وفي اللسان عن ابن طاهر كان يضع الحديث.
3600 - (جنات الفردوس أربع جنات) مبتدأ (من ذهب) خبر قوله (حليتهما) بكسر الحاء (وآنيتهما وما فيها) والجملة خبر المبتدأ الأول ومتعلق من ذهب محذوف أي حليتهما وآنيتهما كائنة من ذهب (وجنات من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيها) وفي رواية جنتان من ذهب للمقربين ومن دونهما جنتان من ورق لأصحاب اليمين خرجه الطبراني وابن أبي حاتم ورجاله كما قال ابن حجر ثقات وصرح جمع بأن الأولتين أفضل وعكس بعض المفسرين والحديث حجة للأولين وظاهر الحديث أن الجنتين من ذهب لا فضة فيهما وبالعكس قال ابن حجر: ويعارضه حديث أبي هريرة قلنا يا رسول اللّه حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال: لبنة من ذهب ولبنة من فضة خرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان وفي حديث البزار خلق اللّه الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وفي خبر البيهقي أن اللّه أحاط حائط الجنة لبنةمن ذهب ولبنة من فضة وجمع بأن الأول صفة ما في كل جنة من آنية وغيرها والثاني صفة حوائط الجنان كلها ثم الظاهر أن هذه الأربع ليس منها جنة عدن[قال القرطبي: قيل: الجنان سبع دار الجلال ودار السلام ودار الخلود وجنة عدن وجنة المأوى وجنة نعيم والفردوس وقيل: أربع فقط لهذا الحديث فإنه لم يذكر فيه سوى أربع كلها توصف بالمأوى والخلد والعدن والسلام وهذا ما اختاره الحليمي فقال: إن الجنتين الأولتين للمقربين والآخرتين لأصحاب اليمين وفي كل جنة درجات ومنازل وأبواب.] فإنها ليست [ص 351] من ذهب ولا فضة بل من لؤلؤ وياقوت وزبرجد لخبر أن ابن أبي الدنيا عن أنس مرفوعاً خلق اللّه جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم إنه تعالى جعل تركيب الصلاة على منوال ترتيب الجنة إشارة إلى أنه لا يدخلها إلا المصلون فكما أن الجنة قصورها لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك فالصلاة بناؤها لبنة من قراءة ولبنة من ركوع ولبنة من سجود وملاطها التسبيح والتحميد والتهليل والتمجيد ومن ثم قال النبي إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم) ما هذه نافية (إلا رداء الكبرياء) قال النووي: لما كان يستعمل الاستعارات للتفهيم عبر عن مانع رؤيته تقدس برداء الكبرياء فإذا تجلى اللّه عليهم يكون إزالة لذلك وقال غيره: المراد أنه إذا دخل المؤمنون الجنة وتبوؤوا مقاعدهم رفع ما بينهم وبين النظر إلى ربهم من الموانع والحجب التي منشأها كدورة الجسم ونقص البشرية والانهماك في المحسوسات الحادثة ولم يبق ما يحجزهم عن رؤيته إلا هيبة لجلال وسبحات الجمال وأبهة الكبرياء فلا يرفع ذلك منهم إلا برأفة ورحمة منه تفضلاً على عباده وقال عياض: استعار لعظيم سلطان اللّه وكبريائه وعظمته وجلاله المانع لإدراك أبصار البشر مع ضعفها لذلك رداء الكبرياء فإذا شاء تقوية أبصارهم وقلوبهم كشف عنهم حجاب هيبته وموانع عظمته (على وجهه) أي ذاته وقوله (في جنة عدن) راجع إلى القوم أي وهم في جنة عدن لا إلى اللّه لأنه لا تحويه الأمكنة تعالى اللّه عن ذلك ذكره عياض وقال القرطبي: متعلق بمحذوف في محل الحال من القول أي كائنين في جنة عدن وقال القاضي: متعلق بمعنى الاستقرار في الظرف ليفيد المفهوم انتفاء هذا الحصر في غير الجنة قال الهروي: هو ظرف لينظروا بيَّن به أن النظر لا يحصل إلا بعد الإذن لهم في الدخول في جنة عدن سميت بها لأنها محل قرار رؤية اللّه ومنه المعدن لمستقر الجواهر (وهذه الأنهار تشخب) بمثناة فوقية مفتوحة وشين معجمة ساكنة وخاء معجمة مضمومة فموحدة أي تجري وتسيل (من جنة عدن ثم تصدع) أي تتفرق (بعد ذلك أنهاراً) في الجنان كلها وفيه أن الجنان أربع وقال القرطبي: هي سبع وعدها وقال الحكيم: الفردوس سرة الجنة ووسطها والفردوس جنات فعدن كالمدينة والفردوس كالقرى حولها فإذا تجلى الوهاب لأهل الفردوس رفع الحجاب وهو المراد برداء الكبرياء هنا فينظرون إلى جلاله وجماله فيضاعف عليهم من إحسانه ونواله.
- (حم طب عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
3601 - (جنبوا مساجدنا) وفي رواية مساجدكم (صبيانكم) أراد به هنا ما يشمل الذكور والإناث (ومجانينكم) فيكره إدخالهما تنزيهاً إن أمن تنجيسهم للمسجد وتحريماً إن لم يؤمن (وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم) أي إخراجها من أغمادها (واتخذوا على أبوابها) أي المساجد (المطاهر) جمع مطهرة ما يتطهر منه للصلاة (وجمروها) أي بخروها (في الجمع) جمع جمعة أي في كل يوم جمعة وكذا عيدان أقيمت صلاة العيد فيهما وفيه إنباء بأن من عمل في مساجد اللّه بغير ما وضعت له من ذكر اللّه كان ساعياً في خرابها وناله الخوف في محل الأمن وقد أجرى اللّه سنته أن من لم يقم حرمة مساجده شرده منها وأحوجه لدخولها تحت ذمة من أعدائه كما شهدت به بصائر أهل التبصرة سيما في الأرض المقدسة دول القلب بين هذه الأمة وأهل الكتاب.
حكى ابن التين عن اللخمي أن هذا الحديث ناسخ لحديث لعب الحبشة بالحراب في المسجد ورد بأن الحديث ضعيف وليس فيه تصريح بذلك ولا عرف تاريخ فيثبت النسخ واللعب بالحراب ليس لعباً مجرداً بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد [ص 352] للعدو وقال المهلب: المسجد موضوع لأمر جماعة المسلمين فما كان من الأعمال مجمع الدين وأهله جاز فيه المتداول فيها دول القلب بين هذه الأمة وأهل الكتاب.
- (ه) من رواية الحرث بن نبهان عن عتبة عن أبي سعيد عن مكحول (عن واثلة) ابن الأسقع قال الزين العراقي في شرح الترمذي: والحرث بن نبهان ضعيف وقال ابن حجر في المختصر: حديث ضعيف وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال لا يصح وقال ابن حجر في تاريخ الهداية: له طرق وأسانيد كلها واهية وقال عبد الحق: لا أصل له.
3602 - (جهاد الكبير) أي المسن الهرم (والصغير) الذي لم يبلغ الحلم (والضعيف) خلقة أو لنحو مرض (والمرأة الحج والعمرة) يعني هما يقومان مقام الجهاد لهم ويؤجرون عليهما كأجر الجهاد وقال العامري: الجهاد أكبر وأصغر فالأصغر جهاد أعداء الدين ظاهراً والكفار والأكبر جهاد أعداء الباطن النفس والشيطان سماه الأكبر لأنه أدوم وأخطر فجعل تعالى جهاد من ضعف عن الكفار الحج ولما فقدت المرأة أهلية الجهاد ألحقت بكرم اللّه بمن بذل نفسه وماله وجاهد فنظر إلى صدق نيتها لجهادها لنفسها في أداء حقوق زوجها وتبعها له وأداء أمانتها له في نفسها وبيته وماله.
- (ن عن أبي هريرة) ورواه عنه أحمد أيضاً باللفظ المزبور وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
3603 - (جهد البلاء كثرة العيال مع قلة الشيء) فإن ذلك شدة بلاء وإن الفقر يكاد يكون كفراً كما يأتي في حديث فكيف إذا انضم إليه كثرة عيال ولهذا قال ابن عباس: كثرة العيال أحد الفقرين وقلة العيال أحد اليسارين.
- (ك في تاريخه عن ابن عمر) ابن الخطاب قال: سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم رجلاً يتعوذ باللّه من جهد البلاء فذكره ورواه الديلمي أيضاً كما ذكر.