الخطبة الثالثة:
تـــارك الصـــلاة (*)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريط له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}( )
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ( )
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} ( )
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ( )
أما بعد:
أحبتى فى الله:
انتهينا فى اللقاء الماضى من تفسير قول الحق تبارك وتعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} ( )
وبعد أن ذكر الله عز وجل حزب السعداء من الأنبياء ومن تبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره المؤدين فرائض الله التاركين لزواجره.
ذكر أنه {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا }( )
مفارقة عجيبة بين هذين الفريقين.
فريق يخر لله ساجداً باكياً، إذا ما تليت عليه آيات الرحمن عز وجل وفريق أضاع الصلاة ، وجرى وراء شيطانه وهواه فاتبع الشهوات وأضاع الصلوات.
قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فى هذه الآية {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ}أى أخروها عن وقتها.
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى فى الأوسط وابن مردوية والبيهقى فى سننه عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال: سألت رسول الله عن قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } ( ) قال: "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها" وقد ضعف البيهقى والحاكم رفعه وصححا وقفه.
الله أكبر:
هم الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها. فجزاؤهم {فسوف يلقون غياً}.
والغى : كما أخرح البخارى فى تاريخه عن عائشة رضى الله عنها قالت: غى. نهر فى جهنم.
وأخرج إبن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى والحاكم وصححه البيهقى عن ابن مسعود فى قوله{فسوف يلقون غبا} قال: الغى: نهر أو واد فى جهنم من قيح. بعيد القعر، خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
وهذا أيضاً هو قول ابن عباس وغيرهم من أصحاب رسول الله وأخرج ابن المنذر والبيهقى فى شعب الإيمان عن عطاء فى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ( )
قال: أى الصلاة المفروضة فمن شغله ماله وتجارته وأولاد عن الصلاة فى وقتها كان من الخاسرين.
لقوله تعالى بعدها {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
أيها المسلمون....
هذا جزاء من يصلى ولكنه يؤخر الصلاة عن أوقاتها بغير عذر فما ظنكم بمن ترك الصلاة .. ماظنكم بمن ضيع الصلاة من الرجال والنساء. فأعيرونى القلوب والأسماع، لنتعلم اليوم حكم تارك الصلاة.
هذا الحكم الذى تنخلع له القلوب . ولكن ...
هيهات .. هيهات فقد ماتت القلوب إلا من رحم علام الغيوب.
قال الإمام الشواكانى فى نيل الأوطار: " لا خلاف بين المسلمين فى كفر من ترك الصلاة منكراً لوجوبها" أى من ترك الصلاة جاحداً بها منكراً لها فقد كفر كفراً يخرج عن ملة الإسلام بإجمع المسلمين.
ثم قال الشوكانى رحمة الله: " وإن كان تركه للصلاة تكاسلاً مع إعتقاده بوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فى ذلك فمنهم من قال إنه لا يكفر بل هو فاسق فإن تاب وإلا قتل حداً بالسيف (وهذا قول مالك والشافعى).
وذهب الآخرون من العلماء إلى أن تركها تكاسلاً أو تشاغلاً عنها من غير عذر شرعى فهو كافراً أيضاً، وقد صرحت الأحاديث بكفره ووجوب قتله.
وسأكتفى بذكر حديثين أثنين من الأحاديث التى حكمت بوجوب قتل تارك الصلاة.
الأول: رواه البخارى ومسلم من حديث عبد الله بن عمر أن النبى قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" ( ) .
ووجه الاستدلال بهذا الحديث أنه أمر بقتالهم إلى أن يقيموا الصلاة وأن دماءهم وأموالهم إنما تحرم بعد الشهادتين، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة.
الحديث الثانى: من الأحاديث التى حكمت بوجوب قتل تارك الصلاة رواه البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: بعث على بن أبى طالب وهو باليمن إلى النبى بذهبيه (أى بقطعة من الذهب) فقسمها النبى بين أربعة فقال رجل يا رسول الله. اتق الله فقال: ويلك أو لست أحق أهل الأرض أن يتقى الله ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله إلا أضرب عنقه فقال: لا؟ لعله أن يكون يصلى فقال خالد: وكم من رجل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه، فقال رسول الله "إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم".
ويعلق الإمام ابن القيم رحمة الله على هذا الحديث بقوله: إن المانع الذى منع النبى من قتل هذا الرجل كونه يصلى، فدل على أن من لم يصل يقتل، إن أصر على تلك المعصية الكبيرة.
أما من قال بتكفير تارك الصلاة فهم كثرة.
قال الإمام ابن حزم رحمة الله: قد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبى هريرة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم من الصحابة "أن من ترك صلاة واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد" ثم قال ابن حزم ولا نعلم لهؤلاء الصحابة مخالفاً.
والأدلة على كفر تارك الصلاة من القرآن والسنة كثيرة .. ذكرها بالتفصيل الإمام أبن القيم رحمة الله فى كتابه القيم "كتاب الصلاة وحكم تاركها".
أدلة القرآن:
الدليل الاول: قول الله جل وعلا فى سورة القلم: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لكم كيف تحكمون}إلى قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}( )
ووجه الدلالة من هذه الآيات أنه سبحانه وتعالى أخبر أنه لا يجعل المسلمين كالمجرمين الذين هم على النقيض من المسلمين بنص الآية.
ذكر من حالهم يوم القيامة أن الله عز وجل حينما يكشف عن ساق يخر المسلمون الصادقون سجداً لله رب العالمين دليلاً صادقاً على إسلامهم وبرهاناً ساطعاً على إيمانهم بربهم جل وعلا.
ويأتى الكفار والمنافقون ليسجدوا مع المسلمين فيحال بينهم وبين السجود رغماً عن أنوفهم فتبقى ظهورهم قائمة كميامن البقر ولو كانوا من المسلمين لأذن لهم بالسجود كما أذن للمسلمين.
فالمسلم هو الذى يسجد وغير المسلم هو الذى لا يستطيع أن يسجد ومنهم بنص الآية من ضيع الصلاة فى الدنيا كما قال سبحانة: {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ }
الدليل الثانى: قول الله تعالى فى سورة المدثر:
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ *وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}( )
ووجه الدلالة من الآيات.
أن الله تعالى جعل المجرمين ضد المسلمين. وتارك الصلاة بنص الآية من المجرمين السالكين فى سقر.
الدليل الثالث: قوله تعالى فى سورة التوبة:
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}( ) .
ووجه الدلالة أن الله تعالى علق أخوتهم للمؤمنين بفعل الصلاة فإذا لم يفعلوا لم يكونوا إخوة فلا يكونون مؤمنين لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}( )
وسأكتفى بهذه الأدلة من القرآن الكريم لإختصار الوقت ومن أراد أن يرجع إليها بالتفصيل فليرجع إلى كتاب الصلاة لابن القيم رحمة الله. أما الأدلة من السنة الصحيحة على كفر تارك الصلاة فهى كثيرة ووفيرة.
* الدليل الأول:
الحديث الذى رواه مسلم فى صحيحه وأهل السنن وصححه الترمذى عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله :"بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة". ( )
* الدليل الثانى:
الحديث الذى رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجه والترمذى وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم من حديث يزيد ابن الحبيب الأسلمى قال:
سمعت رسول الله يقول: "العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".( )
* الدليل الثالث:
الحديث الذى رواه الطبرى وقال حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم من حديث ثوبان مولى رسول الله قال سمعت رسول الله يقول:" بين العبد وبين الكفر والإيمان. الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك"( )رواه الطبرى وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.
* الدليل الرابع
الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده وأبو حاتم وابن حبان فى صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: "من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة. ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة.. وكان يوم القيام مع قارون وفرعون وهامان وأبى بن خلف"( )
وذكر الإمام ابن القيم لطيفه بديعة من لطائف العلم فى هذا الحديث وهى أن تارك الصلاة إما إن أن يشغله ماله أو ملكه أو وزارته أو رياسته أو تجارته.
فمن شغله ماله عن الصلاة فضيعها فهو مع قارون.
ومن شغله ملكه عن الصلاة فضيعها فهو مع فرعون.
ومن شغلته وزارته عن الصلاة فضيعها فهو مع هامان.
ومن شغلته تجارته عن الصلاة فضيعها فهو مع أبى بن خلف، وهم جميعاً فى الدرك الأسفل من النار.. عياذاً بالله.
الدليل الخامس:
ما رواه الإمام أحمد فى مسنده من حديث معاذ بن جبل أن رسول الله قال:" من ترك صلاة مكتوبة متعمداً فقد برئت منه ذمة الله".( )
بقول ابن القيم: ولو كان باقياً على إسلامة لكانت له ذمة الإسلام.
* الدليل السادس
أن تركها بالكلية يحبط جميع الأعمال. وقبول جميع الأعمال موقوف على الصلاة.
فلا يقبل الله تعالى من تارك الصلاة صوماً ولا حجاً ولا صدقة ولا جهاداً ولا شيئاً من الأعمال. لأن العبد يسأل أول ما يسأل عن الصلاة.
كما فى الحديث الذى رواه أحمد فى مسندهوأصحاب السنن ورواه الطبرانى بإسناد جيد من حديث أنس بن مالك قال رسول الله : "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت فقد صلح له سائر عمله. وإن فسدت فسد سائر عمله".( )
ووجه الدلالة أن تارك الصلاة لو قبل منه شئ من أعمال البر والخير لم يكن من الخائبيين الخاسرين.
واكتفى بهذا القدر من الأحاديث المباركة التى وردت لتبين كفر تارك الصلاة.
وهذا كلام صاحب الشرع الذى لا ينطق عن الهوى.
ولا كلام لأحد أيا كان . بعد كلام رسول الله، فمن عدم الحياء أن تقول: هذا قول رسول الله، ويرد عليك ويقال: وهذا قول شيخنا الفلانى.
أعوذ بالله .. إن قلت قال الله قال رسوله .. همزوك همز المنكر المتغالى نعوذ بالله من الخذلان وأقول قولى هذا وأستغفر الله العظيم لى ولكم.
* * *
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أيها الحبيب الكريم:
وبعد أن بينا حكم تارك الصلاة تعالوا بنا لنبين فى عجالة سريعة حكم صلاة الجماعة لنذكر هواة الصلاة فى البيوت ونقول لهم إتقوا الله فأنتم على خطر عظيم.
فكثير من العلماء يقولون بوجوب صلاة الجماعة والحق والدليل معهم. وإليك بعض الأدلة.
* الدليل الأول: على وجوب صلاة الجماعة:
قول الله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} ( )
وهذه الآية الكريمة نص فى وجوب صلاة الجماعة، لأنه لو كان المقصود فى هذه الآية هو إقامة الصلاة فقط، ما قال الله فى آخر الآية {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} بعد أن قال فى أول الآية و{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}.
* الدليل الثانى:
أنه حتى فى ساحة القتال وحومة الوغى ومواجهة الأعداء وتحت فتنه بارقة السيوف أوجب الله على المسلمين صلاة الجماعة.
ولو كان الأمر يسراً لسمح لهؤلاء فى أرض المعركة أن يصلوا منفردين.
بقول الله تعالى : {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}( )
* الدليل الثالث: ما رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة قال: "أتى النبى رجل أعمى فقال يا رسول الله: إنه ليس لى قائد يقدونى إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخص له؟ (أى يصلى فى البيت) فرخص له، فلما ولى دعاه. فقال:" هل تسمع النداء بالصلاة" قال : نعم قال: "فأجب"( )
* الدليل الرابع:
الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة أن رسول الله "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء . وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيها لاتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام، ثم أمر رجلاً فيصلى بالناس، ثم انطلق معى برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"( )
* الدليل الخامس:
ما رواه الإمام مسلم وأصحاب السنن عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: "من سره أن يلقي الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنكم لوصليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف فى بيته، تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم.
ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة.
ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين (أى يتساند على رجلين) حتى يقام فى الصف".( )
وفى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم مع حديث ابن عمر أنه قال:"صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"( )
فضل الصلاة
بقى أن نشير أيها الأحباب إلى فضل الصلاة وسأكتفى بحديثين لرسول الله .
الحديث الأول:
رواه البخارى ومسلم وأصحاب السنن:
عن أبى هريره قال: سمعت رسول الله يقول: أرايتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ (أى من الوسخ شئ) قاوا لا يبقى من درنه شئ قال: فكذلك مثل الصوات الخمس يمحو الله بها الخطايا"( )
الحديث الثانى:
رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط بإسناد حسن ورواته محتج بهم فى الصحيح.
عن عبد الله بن مسعود: قال : قال رسول الله : تحترفون تحترقون، فإذا صليت الصبح غسلتها، ثم تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون، فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا"
أيها المسلمون فى كل مكان.
أيها الأخ الكريم، أيتها الأخت الكريمة.
الله الله فى الصلاة
الله الله فى الصلاة
الله الله فى الصلاة
فهذا هو فضلها وذاك هو خطرها
أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره، وشكره، وحسن عبادته ، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ورضواناً برحمتك يا أرحم الراحمين .... الدعاء.
* * *