الأقصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه الرسالة تفيد انك غير مسجل لدينا

لتسجيل الدخول ادخل البيانات من فضلك
الأقصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه الرسالة تفيد انك غير مسجل لدينا

لتسجيل الدخول ادخل البيانات من فضلك
الأقصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الأقصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الهمزة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الغامديــة




عدد المساهمات : 101
تاريخ التسجيل : 25/03/2010

فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الهمزة Empty
مُساهمةموضوع: فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الهمزة   فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الهمزة Emptyالإثنين مايو 10, 2010 2:24 am

حرف الهمزة‏.‏

أي هذا باب الأحاديث المبدوءة بحرف الهمزة، وابتدأه بحرف الهمزة مع الألف وجعل مطلعه حديث إتيان باب الجنة إشارة إلى أن الغاية المطلوبة من تأليفه هذا الكتاب التقرب إلى الله الموصل إلى الفوز بإتيان باب الجنة تفاؤلاً بكون أول ما يقرع الأسماع منه ذكر الجنة وإتيانها ولأن جميع ما يأتي بعده في أحكام العبادة ومتعلقاتها ودخول الجنة أفضل من جميع العبادات كما أفتى به السبكي أي أشرف وأرفع‏.‏ ووجهه الولي العراقي بأن ثواب الله تعالى أشرف من أفعالنا فقال‏:‏

2 - ‏(‏آتي‏)‏ بالمد ‏(‏باب الجنة‏)‏ أي أجيء بعد الانصراف من الحشر للحساب إلى أعظم المنافذ التي يتوصل منها إلى دار الثواب وهو باب الرحمة أو هو باب التوبة كما في النوادر‏:‏ فإن قلت هل لتعبيره بالإتيان دون المجيء من ‏[‏ص 36‏]‏ نكتة‏؟‏ قلت‏:‏ نعم وهي الإشارة إلى أن مجيئه يكون بصفة من ألبس خلع الرضوان فجاء على تمهل وأمان من غير نصب في الإتيان، إذ الإتيان كما قال الراغب مجيء بسهولة‏.‏ قال‏:‏ والمجيء أعم ففي إيثاره عليه مزية زهية‏.‏ وفي الكشاف وغيره‏:‏ إن أهل الجنة لا يذهب بهم إليها إلا راكبين فإذا كان هذا في آحاد المؤمنين فما بالك بإمام المرسلين‏؟‏ قال الراغب‏:‏ والباب يقال لمدخل الشيء وأصله مداخل الأمكنة كباب الدار والمدينة ومنه يقال في العلم باب كذا وهذا العلم باب إلى كذا أي منه يتوصل إليه ومنه خبر‏:‏ ‏"‏أنا مدينة العلم وعليّ بابها‏"‏ أي به يتوصل وقد يقال أبواب الجنة وأبواب جهنم للأسباب الموصلة إليها انتهى‏.‏ والجنة في الأصل المرة من الجنّ مصدر جنه ستره ومدار التركيب على ذلك سمي به الشجر المظلل لالتفاف أغصانه وسترها ما تحته ثم البستان لما فيه من الأشجار المتكاثفة المظللة ثم دار الثواب لما فيها من الجنان مع أن فيها ما لا يوصف من القصور لأنها مناط نعيمها ومعظم ملاذها‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ الجنة اسم لدار الثواب كلها وهي مشتملة على جنات كثيرة مرتبة مراتب على حسب استحقاق العاملين لكل طبقة منهم جنة منها، قال ابن القيم‏:‏ ولها سبعة عشر اسماً وكثرة الأسماء آية شرف المسمى، أولها هذا اللفظ العام المتناول لتلك الدار وما اشتملت عليه من أنواع النعيم، والبهجة، والسرور، وقرة العين، ثم دار السلام‏:‏ أي السلامة من كل بلية، ودار الله، ودار الخلد، ودار الإقامة، وجنة المأوى، وجنة عدن، والفردوس وهو يطلق تارة على جميع الجنان وأخرى على أعلاها، وجنة النعيم، والمقام الأمين، ومقعد صدق، وقدم صدق، وغير ذلك مما ورد به القرآن، ‏(‏يوم القيامة‏)‏ فعالة تقحم فيها التاء للمبالغة والغلبة وهي قيام مستعظم والقيام هو الاستقلال بأعباء ثقيلة، ذكره الحراني ‏(‏فأستفتح‏)‏ السين للطلب وآثر التعبير بها إيماء إلى القطع بوقوع مدخولها وتحققه أي أطلب انفراجه وإزالة غلقه يعني بالقرع لا بالصوت كما يرشد إليه خبر أحمد‏:‏ ‏"‏آخذ بحلقة الباب فأقرع‏"‏ وخبر البخاري عن أنس‏:‏ ‏"‏أنا أول من يقرع باب الجنة‏"‏ والفاء سببية أي يتسبب عن الإتيان الاستفتاح ويحتمل جعلها للتعقيب بل هو القريب‏.‏ فإن قلت ما وجهه‏؟‏ قلت‏:‏ الإشارة إلى أنه قد أذن له من ربه بغير واسطة أحد لا خازن ولا غيره، وذلك أن من ورد باب كبير فالعادة أن يقف حتى ينتهي خبره إليه ويستأمر فإن أذن في إدخاله فتح له‏.‏ فالتعقيب إشارة إلى أنه قد صانه ربه عن ذل الوقوف وأذن له في الدخول قبل الوصول بحيث صار الخازن مأموره منتظراً لقدومه ‏(‏فيقول الخازن‏)‏ أي الحافظ وهو المؤتمن على الشيء الذي استحفظه، والخزن حفظ الشيء في الخزانة، ثم عبر به عن كل حفظ، ذكره الراغب، سمي الموكل بحفظ الجنة خازناً لأنها خزانة الله تعالى أعدها لعباده، وأل فيه عهدية والمعهود رضوان وظاهره أن الخازن واحد وهو غير مراد بدليل خبر أبي هريرة‏:‏ ‏"‏من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب هلم‏"‏ فهو صريح في تعدد الخزنة إلا أن رضوان أعظمهم ومقدمهم، وعظيم الرسل إنما يتلقاه عظيم الحفظة ‏(‏من أنت‏)‏ أجاب بالاستفهام وأكده بالخطاب تلذذاً بمناجاته وإلا فأبواب الجنة شفافة وهو العلم الذي لا يشتبه والمتميز الذي لا يلتبس وقد رآه رضوان قبل ذلك وعرفه ومن ثم اكتفى بقوله

‏(‏فأقول محمد‏)‏ وإن كان المسمى به كثيراً‏.‏ فإن قلت ينافي كون أبواب الجنة شفافة خبر أبي يعلى عن أنس ‏"‏أقرع باب الجنة فيفتح لي باب من ذهب وحلقه من فضة‏"‏ قلت‏:‏ ما في الجنة لا يشبه ما في الدنيا إلا في مجرد الاسم كما في خبر يأتي، فلا مانع من كون ذهب الجنة شفافاً فتدبر‏.‏ ثم إنه لم يقل أنا لإيهامه مع ما فيه من الإشعار بتعظيم المرء نفسه وهو سيد المتواضعين، وهذه الكلمة جارية على ألسنة الطغاة المتجبرين إذا ذكروا مفاخرهم وزهوا بأنفسهم، قال في المطامح‏:‏ وعادة العارفين المتقين أن يذكر أحدهم اسمه بدل قوله‏:‏ ‏"‏أنا‏"‏ إلا في نحو إقرار بحق فالضمير أولى‏.‏

وقال ابن الجوزي‏:‏ أنا لا يخلو عن نوع تكبر كأنه يقول أنا لا أحتاج إلى ذكر اسمي ولا نسبي لسمو مقامي‏.‏ وقال بعض المحققين‏:‏ ذهب طائفة من العلماء وفرقة من الصوفية إلى كراهة إخبار الرجل عن نفسه بقوله أنا تمسكاً بظاهر الحديث حتى قالوا كلمة أنا لم تزل مشئومة على أصحابها وأرادوا أن إبليس اللعين إنما لعن ‏[‏ص 37‏]‏ بقولها وليس كما أطلقوا بل المنهي عنه ما صحبه النظر إلى نفسه بالخيرية كما نقرر‏.‏ ولا ننكر إصابة الصوفية في دقائق علومهم وإشاراتهم في التبرئ من الدعاوى الوجودية لكنا نقول إن الذي أشاروا إليه بهذا راجع إلى معان تتعلق بأحوالهم دون ما فيه التعلق بالقول، كيف وقد ناقض قولهم نصوص كثيرة وهم أشد الناس فراراً عن مخالفتها كقوله تعالى حكاية عنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏"‏إنما أنا بشر مثلكم‏"‏، ‏"‏وأنا أول المسلمين‏"‏، ‏"‏وما أنا من المتكلفين‏"‏ وخبر ‏"‏أنا سيد ولد آدم‏"‏‏:‏ قال بعض العارفين، والحاصل أن ذلك يتفاوت بتفاوت المقامات والأحوال فالمتردد في الأحوال المتجول في الفناء والتكوين ينافي حاله أن يقول أنا ومن رقى إلى مقام البقاء بالله وتصاعد إلى درجات التمكين فلا يضره‏.‏ انتهى‏.‏ وأما من ليس من هذه الطائفة فقد قال النووي‏:‏ لا بأس بقوله أنا الشيخ فلان أو القاضي فلان إذا لم يحصل التمييز إلا به وخلا عن الخيلاء والكبر والزهو، والقول عبارة عن جملة ما يتكلم به المتكلم على وجه الحكاية‏.‏ ذكره جمع‏.‏ وقال القاضي‏:‏ هو التلفظ بما يفيد ويقال للمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ ويقال للمذهب والرأي مجازاً وأصله قول الزمخشري من المجاز هذا قول فلان أي ورأيه ومذهبه

‏(‏فيقول بك‏)‏ قيل الباء متعلقة بالفعل بعدها ثم هي سببية قدمت للتخصيص أي بسببك ‏(‏أمرت‏)‏ بالبناء للمفعول والفاعل هو الله ‏(‏أن لا أفتح‏)‏ كذا في نسخة المؤلف بخطه وهكذا ذكره في جامعه الكبير والذي وقفت عليه في نسخ مسلم الصحيحة المقروءة ‏"‏لا أفتح‏"‏ بإسقاط أن ‏(‏لأحد‏)‏ من الخلائق ‏(‏قبلك‏)‏ لا بسبب آخر وقبل الباء صلة للفعل‏:‏ ‏"‏وأن لا أفتح‏"‏ بدل من الضمير المجرور أي أمرت بفتح الباب لك قبل غيرك من الأنبياء وفي رواية‏:‏ ‏"‏ولا أقوم لأحد بعدك‏"‏ وذلك لآن قيامه إليه خاصة إظهاراً لمرتبته ومزيته ولا يقوم في خدمة أحد غيره بل خزنة الجنة يقومون في خدمته وهو كالملك عليهم وقد أقامه الله في خدمته صلى الله عليه وسلم حتى مشى إليه وفتح له ‏"‏وأحد‏"‏ يستعمل في النفي فيكون لاستغراق جنس الناطقين وتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق‏.‏ وعلم من السياق أن طلب الفتح إنما هو من الخازن وإلا لما كان هو المجيب‏.‏ فإن قلت ورد عن الحسن وقتادة وغيرهما أن أبواب الجنة يرى ظاهرها من باطنها وعكسه وتتكلم وتعقل ما يقال لها انفتحي انغلقي كما نقله ابن القيم وغيره فلم طلب الفتح من الخازن ولم يطلبه منها بلا واسطة‏؟‏ قلت‏:‏ الظاهر أنها مأمورة بعدم الاستقلال بالفتح والغلق وأنها لا تستطيع ذلك إلا بأمر عريفها المالك لأمرها بإذن ربها وإنما يطالب بما يراد من القوم عرفاؤهم‏.‏ فإن قلت‏:‏ ما فائدة جعل الخازن للجنات مع أن الخزن إنما يكون في المتعارف حفظاً لما يخاف ضياعه أو تلفه أو تطرق النقص إليه فيفوت كله أو بعضه على صاحبه والجنة لا يمكن فيها ذلك‏؟‏ قلت‏:‏ إن خزن ملائكة الجنة نعيمها إنما يكون لأهلها فكل منهم يجعل إليه مراعاة قسط معلوم من تلك النعم لمن أعد له حتى إذا وافى الجنة كان الخازن هو الممكن له منه فخزنه إياه قبل التسليم هو مقامه على ملاحظة ما جعل سبيله وانتظار من أهل له وإيصاله إليه فهذا هو المراد لا حفظها من أحد يخاف منه عليها ذكره الحليمي‏.‏

فإن قلت‏:‏ ما ذكر من أن رضوان هو متولي الفتح يعارضه خبر أبي نعيم والديلمي‏:‏ ‏"‏أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فيفتحها الله عز وجل لي‏"‏ قلت‏:‏ لا معارضة فإن الله تعالى هو الفاتح الحقيقي وتولي رضوان ذلك إنما هو بإقداره وتمكينه‏.‏ ثم إن ظاهر الحديث استشكل بأن الزمخشري والقاضي ذكرا أن أبواب الجنة تفتح لأهلها قبل مجيئهم بدليل‏:‏ ‏{‏جنات عدن مفتحة لهم الأبواب‏}‏ ووجهه الإمام الرازي بأنه يوجب السرور والفرح حيث نظروا الأبواب مفتحة من بعد وبأنه يوجب الخلاص من ذل الوقوف للاستفتاح‏.‏ وأجيب أولاً بخروج المصطفى ومن تبعه عن سياق الآية‏.‏ واعترض بأنه خلاف الظاهر بلا ضرورة، وثانياً بأن الجملة الحالية قيد لمجيء المجموع فيكون مقتضاها تحقق الفتح قبل مجيء الكل فلا ينافي تأخره عن مجيء إنسان واحد أو زمرة واحدة‏.‏ ونوزع بأن فعل الجمع إذا قيد بزمن فالمفهوم المتبادر منه أنه زمن لصدور الفعل عنهم فإنا إذا قلنا زيد وعمرو وبكر ضربوا بعد الطلوع لم يفهم منه إلا صدور الضرب عنهم في ذلك الزمن حتى لو ضرب واحد منهم قبله رمى بالكذب وثالثاً بأن المراد بالأبواب في الآية أبواب المنازل التي في الجنة لا أبواب الجنة المحيطة بالكل والمراد في الحديث باب نفس الجنة المحيطة ونوقش بأن الجنة والنار حيث وقعا في القرآن معاً مفردين أو متقابلين فالمراد منهما أصلهما، ورابعاً بأنا لا نسلم دلالة الآية على تقدم الفتح إذ لو فتح عند إتيانهم صح‏.‏ إذ ‏[‏ص 38‏]‏ الجنان مفتحة لهم أبوابها، غايته أن المدح في الأول أبلغ وبأن اسم المفعول العامل إذ كان بمعنى الاستقبال فعدم الدلالة ظاهر، إذ المعنى ستفتح لهم وكذا إن كان هو بمعنى الحال مريداً به حال الدخول وإن أريد به حال التكلم ففيه بعد‏.‏ وخامساً قال بعض المحققين وهو أحسنها إن أبوابها تفتح أولاً بعد الاستفتاح من جمع ويكون مقدماً بالنسبة إلى البعض كما يقتضيه خبر‏:‏ ‏"‏إن الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمس مئة عام‏"‏ والظاهر أنها بعد الفتح للفقراء لا تغلق، وسادساً بأن الجنة لكونها دار الله ومحل كرامته ومعدن خواصه إذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيرغبون إلى مالكها أن يفتحها لهم ويستشفعون إليه بأولي العزم فكلهم يحجم حتى تقع الدلالة على أفضلهم فيأتي إلى العرش ويخر ساجداً لربه فيدعه ما شاء الله أن يدعه ثم يأذن له في الرفع وأن يسأل حاجته فيشفع في فتحها فيشفعه تعظيماً لخطرها وإظهاراً لمنزلته عنده ودفعاً لتوهم الغبي أنها كالجنان التي يدخلها من شاء، ولا يعارضه‏:‏ ‏"‏مفتحة لهم الأبواب‏"‏ لدلالة السياق على أن المعنى أنهم إذا دخلوها لم تغلق أبوابها عليهم بل تبقى مفتحة إشارة إلى تصرفهم وذهابهم وإيابهم ودخول الملائكة عليهم من كل باب بالتحف والألطاف من ربهم وإلى أنها دار أمن لا يحتاجون فيها إلى غلق الأبواب كما كانوا في الدنيا فلا تدافع بين الآية والخبر‏.‏

ثم إن الأولية في الحديث لا تشكل بإدريس حيث أدخل الجنة بعد موته وهو فيها كما ورد لآن المراد الدخول التام يوم القيامة وإدريس يحضر الموقف للسؤال عن التبليغ ولا بأن السبعين ألفاً الداخلين بغير حساب يدخلون قبله لأن دخولهم بشفاعته فينسب إليه، واعترض بأن التعبير بسبعين ألفاً فيه قصور لثبوت الزيادة هو القصور لأن العرب تريد به المبالغة في التكثير ومثله غير كثير، ألا ترى إلى ما ذكره المفسرون‏:‏ ‏{‏في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً‏}‏ ولا بخبر أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال‏:‏ ‏"‏بم سبقتني فما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك أمامي‏"‏ لأنها رؤية منام ولا يقدح فيه أن رؤيا الأنبياء حق إذ معناه أنها ليست من الشيطان وبلال مثل له ماشياً أمامه إشارة إلى أنه استوجب الدخول لسبقه للإسلام وتعذيبه في الله وأن ذلك صار أمراً محققاً وقد أشار إلى ذلك السمهودي فقال في حديث بلال إنه يدخل الجنة قبل المصطفى وإنما رآه أمامه في منامه والمراد منه سريان الروح في حالة النوم في تلك الحالة تنبيهاً على فضيلة عمله، وأما الجواب بأن دخوله كالحاجب به إظهاراً لشرفه فلا يلائم السياق إذ لو كان كذلك لما قال له ‏"‏بم سبقتني‏"‏ وليت شعري ما يصنع من أجاب به بخبر أبي يعلى وغيره‏:‏ ‏"‏أول من يفتح له باب الجنة أنا إلا أن امرأة تبادرني فأقول مالك أو من أنت‏؟‏ فتقول أنا امرأة قعدت على يتامى‏"‏ وخبر البيهقي ‏"‏أول من يقرع باب الجنة عبد أدى حق الله وحق مواليه‏"‏ وأقول هذه أجوبة كلها لا ظهور لها ولا حاجة إليها، إذ ليس في هذا الخبر إلا أنه أول من يفتح له الباب وليس فيه أنه أول داخل بل يحتمل أنه يستفتح لهم ويقدم من شاء من أمته في الدخول كما هو المتعارف في الدنيا، فإن أبيت إلا جواباً على فرض أنه أول داخل وهو ما ورد في أحاديث أخرى فدونك جواباً يثلج الفؤاد بعون الرؤوف الجواد وهو أنه قد ثبت في خبر مسدد أن دخول المصطفى يتعدد فالدخول الأول لا يتقدم ولا يشاركه فيه أحد ويتخلل بينه وبين ما بعده دخول غيره فقد روى الحافظ ابن منده بسنده عن أنس رفعه‏:‏ ‏"‏أنا أول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر وأعطى لواء الحمد ولا فخر وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، أجيء باب الجنة فآخذ بحلقتها فيقولون من‏؟‏ فأقول أنا محمد فيفتحون لي فأجد الجبار مستقبلي فأسجد له فيقول ارفع رأسك وقل يسمع لك واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول‏:‏ أمتي أمتي فيقول اذهب إلى أمتك فمن وجدت في قلبه مقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنة، فأقبل فمن وجدت في قلبه ذلك فأدخله الجنة فإذا الجبار مستقبلي فأسجد له‏"‏ الحديث وكرر فيه الدخول أربعاً، وفي البخاري نحوه وبه تندفع الاشكالات ويستغنى عن تلك التكلفات، وفي أبي داود أن أبا بكر أول من يدخل من هذه الأمة ولعله أول داخل من الرجال بعده وإلا فقد جزم المؤلف وغيره بأن أول من يدخل بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنته فاطمة لخبر أبي نعيم‏:‏ ‏"‏أنا أول من يدخل الجنة ولا فخر وأول من يدخل عليّ الجنة ابنتي فاطمة‏"‏ وقد انبسط الكلام في هذا الخبر وما كان لنا باختيار لكن تضمن أسراراً جرنا حبها إلى إبداء بعضها، وبعد ففي الزوايا خبايا‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في كتاب الإيمان ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

‏[‏ص 39‏]‏ 3 - ‏(‏آخر من يدخل الجنة‏)‏ أي من الموحدين لأن الكفار مخلدون لا يخرجون من النار أبداً، ولم يصب من قال من أمة محمد إذ الموحدون الذين يعذبون ثم يدخلونها لا ينحصرون في أمة محمد‏.‏ وفي عدة أخبار إن هذه الأمة يخفف عن عصاتها ويخرجون قبل عصاة غيرها كخبر الدارقطني‏:‏ ‏"‏إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي‏"‏ قال ابن القيم فهذه الأمة أسبق الأمم خروجاً من الأرض وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف وأسبقهم إلى ظل العرش وأسبقهم إلى فصل القضاء وأسبقهم إلى الجواز على الصراط وأسبقهم إلى دخول الجنة‏.‏ ووقع في النوادر للحكيم من حديث أبي هريرة ‏"‏إن أطول أهل النار فيها مكثاً من يمكث سبعة آلاف سنة‏"‏ قال ابن حجر وسنده واه ‏(‏رجل‏)‏ يختص بالذكر من الناس ويقال الرجلة للمرأة إذا كانت متشبهة به في بعض الأحوال ذكره الراغب ‏(‏يقال له‏)‏ أي يدعى ‏(‏جهينة‏)‏ بالتصغير‏:‏ اسم قبيلة سمي به الرجل ‏(‏فيقول أهل الجنة‏)‏ أي يقول بعضهم لبعض والمراد بأهلها سكانها من البشر والملائكة والحور العين وغيرهم لكن في السياق إيماء إلى أن القائل من البشر ‏(‏عند‏)‏ بتثليث العين ‏(‏جهينة‏)‏ بجيم ثم هاء، ووقع في التذكرة الحمدونية أنه روى أيضاً حنيفة بالفاء ولم أقف على هذه الرواية ‏(‏الخبر اليقين‏)‏ أي الجازم الثابت المطابق للواقع من أنه هل بقي أحد في النار يعذب أو لا‏.‏ وهذه الآخرية لا يعارضها حديث مسلم‏:‏ ‏"‏آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك‏"‏ الحديث لإمكان الجمع بأن جهينة آخر من يدخل الجنة ممن دخل النار وعذب فيها مدة ثم أخرج وهذا آخر من يدخل الجنة ممن ينصرف فيمر على الصراط في ذهابه إلى الجنة ولم يقض بدخوله النار أصلاً ولا ينافيه قوله وتسفعه النار مرة لأن المراد أنه يصل إليه لهبها وهو خارج عن حدودها‏.‏ ثم رأيت ابن أبي جمرة جمع بنحوه فقال‏:‏ هذا آخر من يخرج منها بعد أن يدخلها حقيقة وذاك آخر من يدخل ممن يمر على الصراط، فيكون التعبير بأنه خرج من النار بطريق المجاز لأنه أصابه من حرها وكربها ما يشاركه فيه بعض من دخلها‏.‏ وما ذكر من أن اسمه جهينة هو ما وقع في هذا الخبر‏.‏ قال القرطبي والسهيلي‏:‏ وجاء أن اسمه هناد وجمع بأن أحد الاسمين لأحد المذكورين والآخر للآخر‏.‏ ومن الأمثال عند العرب قبل الإسلام‏:‏ عند جهينة الخبر اليقين‏.‏ قال ابن حمدون‏:‏ ولذلك خبر مشهور متداول وهو رجل كان اسمه جهينة عنده خبر من قتيل قد خفي أمره فذكروا ذلك فصار مثلاً مستعملاً بينهم، قال الراغب وآخر‏:‏ يقابل الأول وآخر يقابل به الواحد والتأخير يقابل التقديم والدخول ضد الخروج ويستعمل في الزمان والمكان والأعمال والاستخبار والسؤال عن الخبر ‏.‏
*1* الجزء الثاني

*2* ‏[‏ تابع حرف الهمزة‏]‏

1176 - ‏[‏ص 2‏]‏ ‏(‏أعطيت أمتي‏)‏ أي أمة الإجابة ‏(‏شيئاً‏)‏ نكره للتعظيم ‏(‏لم يعطه أحد من الأمم‏)‏ السابقة وذلك ‏(‏أن يقولوا‏)‏ يعني يقول المصاب ‏(‏عند المصيبة‏:‏ إنا للّه وإنا إليه راجعون‏)‏ وهذا صريح في أن الاسترجاع من خصائص هذه الأمة، وفيه أنه يسن لمن أصيب بميت أو في نفسه أو أهله أو ماله أن يقول ذلك، وزاد الفقهاء أخذاً من حديث آخر اللّهم آجرني في مصيبتي وأخلف عليّ خيراً منها‏.‏

- ‏(‏طب وابن مردويه‏)‏ في تفسيره عن ‏(‏ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه خالد بن محمد الطحان وهو ضعيف‏.‏ اهـ‏.‏ لكن يعضده ما رواه ابن جرير والبيهقي في الشعب وغيرهما عن سعيد بن جبير لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئاً لم يعطه الأنبياء قبلهم ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول يا أسفي على يوسف- إنا للّه وإنا إليه راجعون‏.‏

1177 - ‏(‏أعطيت قريش‏)‏ القبيلة المعروفة ومر وجه تسميتها بذلك ‏(‏ما لم يعط الناس‏)‏ أي القبائل غيرهم، قالوا وما ذاك يا رسول اللّه‏؟‏ قال ‏(‏أعطوا ما أمطرت السماء‏)‏ أي النبات الذي ينبت بالمطر ‏(‏وما جرت به الأنهار وما سالت به السيول‏)‏ يحتمل أن المراد أن اللّه تعالى خفف عنهم التعب والنصب في معايشهم فلم يجعل زرعهم يسقى بمؤنة كالسوقي بل يسقى بماء المطر والأنهار والسيول من غير كلفة، ويحتمل أن المراد أن الشارع أقطعهم ذلك في بلادهم، وفي الحديث إيماء إلى أن الخلافة فيهم لتمييزهم على غيرهم بما أعطوا‏.‏

- الحسن بن سفيان‏)‏ في جزئه ‏(‏وأبو نعيم في المعرفة‏)‏ أي في كتاب معرفة الصحابة من حديث أبي الزاهرية ‏(‏عن حلبس‏)‏ بحاء مهملة مفتوحة ولام ساكنة وموحدة مفتوحة وسين مهملة‏:‏ وزن جعفر، وقيل هو بمثناة تحتية مصغراً صحابي، قال أبو نعيم‏:‏ يعد في الحمصيين، وهذا هو المراد هنا، ولهم أيضاً حلبس بن زيد الضبي، صحابي‏.‏

1187 - ‏(‏أعطي‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏يوسف‏)‏ بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل ‏(‏شطر الحسن‏)‏ أي حظاً عظيماً من حسن أهل الدنيا، ولفظ رواية الحاكم‏:‏ أعطي يوسف وأمه شطر الحسن‏.‏ قال في الميزان متصلاً بالحديث، يعني سارة اهـ‏.‏ فلا أدري أهو من تتمة الحديث أو من تفسير الراوي‏.‏ ثم إن قلت هذا يخالفه ما في خبر الحاكم‏:‏ إن اللّه قسم له من الجمال الثلثين وقسم بين عباده الثلث، وكان يشبه آدم يوم خلقه اللّه، فلما عصى آدم نزع منه النور والبهاء والحسن ووهب له الثلث من الجمال بالتوبة -هذا لا يتفق مع قوله تعالى، إن اللّه اصطفى آدم، الآية فتدبر‏.‏ فأعطى اللّه يوسف الثلثين‏.‏ اهـ- قلت كلا لا منافاة لأن الشطر قد يطلق ويراد به الجزء من الشيء، لا النصف، وكم من نظير، وبتأمل حديث الحاكم المذكور يعلم اندفاع قول ابن المنير والزركشي في حديث‏:‏ أعطي يوسف شطر الحسن يتبادر إلى إفهام بعض الناس أن الناس يشتركون في الشطر الثاني وليس كذلك، بل المراد أنه أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا، فإنه بلغ النهاية ويوسف بلغ شطرها‏.‏

- ‏(‏ش حم ع ك عن أنس‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي‏.‏ وقال الهيثمي‏:‏ رجال أبي يعلى رجال الصحيح، وظاهر ‏[‏ص 3‏]‏ صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجاً لأحد الشيخين وإلا لما عدل عنه، والأمر بخلافه، فقد رواه مسلم في قصة الإسراء ولفظه، فإذا أنا بيوسف، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن‏.‏ ومن ثم عزا حديث الترجمة بنصه جمع لمسلم منهم السخاوي ثم رأيت المصنف نفسه قال في الدرر إنه في الصحيح من حديث الإسراء‏.‏

1179 - ‏(‏أعظم الأيام‏)‏ أي أعظمها ‏(‏عند اللّه يوم النحر‏)‏ لأنه يوم الحج الأكبر، وفيه معظم أعمال النسك ‏(‏ثم يوم القر‏)‏ ثاني يوم النحر لأنهم يقرون فيه أي يقيمون ويستحمون مما تعبوا في الأيام الثلاثة ذكره الزمخشري‏.‏ وقال البغوي‏:‏ سمي به لأن أهل الموسم يوم التروية وعرفة والنحر في تعب من الحج فكان الغد من النحر قرأ اهـ‏.‏ وفضلهما لذاتهما أو فيما يخصهما من وظائف العبادة، والجمهور على أن يوم عرفة أفضل ثم النحر فمعنى قوله أفضل أي من أفضل كما يقال فلان أعقل الناس أي وأعلمهم‏.‏

- ‏(‏حم د ك‏)‏ في الأضاحي ‏(‏عن عبد اللّه بن قرط‏)‏ بضم القاف الأزدي الثمامي بضم المثلثة وخفة الميم كان اسمه شيطاناً، فسماه النبي صلى اللّه عليه وسلم عبد اللّه، شهد اليرموك وغيره، واستعمله معاوية على حمص، قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي‏.‏

1180 - ‏(‏أعظم‏)‏ رواية ابن عدي إن أعظم ‏(‏الخطايا‏)‏ أي الذنوب الصادرة عن عمد، يقال خطى إذا أذنب معتمداً‏.‏ ذكره الزمخشري ‏(‏اللسان الكذوب‏)‏ أي الكثير الكذب، لأن اللسان أكثر الأعضاء عملاً، وما من معصية إلا وله فيها مجال، فمن أهمله مرخى العنان ينطق بما شاء من البهتان سلك به في ميدان الخطايا والطغيان وما ينجى من شره إلا أن يقيده بلجام الشرع‏.‏

- ‏(‏ابن لال‏)‏ أبو بكر في حديث طويل جامع ثم الديلمي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ وفيه الحسن بن عمارة، قال الذهبي في الضعفاء متروك باتفاق‏.‏

‏(‏عد‏)‏ عن يعقوب بن إسحاق عن أحمد بن الفرج عن أيوب بن سويد عن الثوري عن ابن أبي نجيح عن طاوس عن ابن عباس، قال كان من خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره ثم قال ابن عدي‏:‏ ولا أعلم يرويه عن الثوري غير أيوب‏.‏ ورواه أيضاً عن محمد بن إسحاق الوراق عن موسى بن سهل النسائي عن أيوب بن سويد عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن ابن عباس ثم قال ابن عدي وهذا إنما يرويه أيوب بهذا الإسناد اهـ‏.‏

1181 - ‏(‏أعظم العيادة أجراً‏)‏ أي أكثرها ثواباً ‏(‏أخفها‏)‏ بأن يخفف القعود عند المريض، فتطويل القعود عنده خلاف الأولى، لأنه قد يتضرر به لاحتياجه إلى تعهد أهله له ويحتمل أن المراد بتخفيفها كونها غباً لا كل يوم، فعلم أن العيادة - بالمثناة التحتية - كما ضبطه بعضهم، لا بالموحدة، وإن صح اعتباره بدليل تعقيبه ذلك في هذا الحديث نفسه بقوله والتعزية مرة هكذا هو بهذا اللفظ عند مخرجه البزار ومثله البيهقي في الشعب، وكأن المصنف أغفله ذهولاً، فالعيادة بالمثناة والتعزية أخوان فلذلك فرق بينهما‏.‏ وأما العبادة بالموحدة فلا مناسبة بينها وبين التعزية، فمن جرى عليه فقد صحف وحرف جهلاً أو غباوة‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ من حديث ابن أبي فديك ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين، ثم قال - أعني البزار- وأحسب أن ابن فديك لم يسمع من علي أهـ وقد أشار المصنف بضعفه فإما أن يكون لانقطاعه ولكونه مع الانقطاع فيه علة أخرى‏.‏

1182 - ‏(‏أعظم الغلول‏)‏ بضم المعجمة‏:‏ أي الخيانة، وكل من خان شيئاً في خفاء فقد غل يغل غلولاً كما في الصحاح وتبعوه فتفسير البعض له هنا بأنه الخيانة في الغنيمة غفلة عن تأمل الحديث ‏(‏عند اللّه يوم القيامة‏)‏ خصه لأنه يوم وقوع الجزاء ‏[‏ص 4‏]‏ وكشف الغطاء ‏(‏ذراع‏)‏ أو دونه كما يفيده خبر‏:‏ من غصب قيد شبر من أرض ‏(‏من الأرض‏)‏ أي إثم غصبه ذراع من الأرض كما بينه بقوله ‏(‏تجدون الرجلين جارين‏)‏ أي متجاورين ‏(‏في الأرض أو الدار‏)‏ أو نحوها ‏(‏فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه‏)‏ أي من حق جاره المسلم، ومثله الذمي‏:‏ أي مما يستحقه بملك أو وقف أو غيرهما ‏(‏ذراعاً‏)‏ مثلاً ‏(‏فإذا اقتطعه‏)‏ منه ‏(‏طوقه‏)‏ بالبناء للمجهول‏:‏ أي يخسف به الأرض فتصير البقعة المغصوبة منها في عنقه كالطوق ‏(‏من سبع أرضين‏)‏ يعني يعاقب بالخسف فيصير ما اقتطعه وما تحته من كل أرض من السبع طوقاً له ويعظم عنقه حتى يسع ذلك أو يتكلف أن يجعل له ذلك طوقاً ولا يستطيع فيعذب به كما في خبر‏:‏ من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة، والتطويق تطويق الإثم، أو المراد أن الظلم المذكور لازم له لزوم الطرق للعنق من قبيل ‏{‏ألزمناه طائره في عنقه‏}‏ ‏(‏يوم القيامة‏)‏ زاد في رواية في الكبير‏:‏ إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلفها وهذا وعيد شديد يفيد أن الغصب كبيرة بل يكفر مستحله لكونه مجمعاً عليه معلوماً من الدين بالضرورة وفيه إمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن غصبها أعظم من غصب غيرها إذ لم يرد فيه مثل هذا الوعيد وأن من ملك أرضاً ملك سفلها إلى منتهى الأرضين وله منع غيره من حفر بئر أو سرداب تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها بما فيه من حجر ومدر ومعدن وغيرها وله أن ينزل في الحفر ما شاء ما لم يضر ببناء جاره وأن الأرضين السبع متراكمة لم يفتق بعضها من بعض إذ لو فتقت لاكتفى في حق الغاصب بتطويق التي غصبها لانفصالها عما تحتها وأن الأرضين السبع طباق كالسماوات وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏حم طب‏)‏ وكذا ابن أبي شيبة عن أبي مالك الأشجعي التابعي قال ابن حجر‏:‏ سقط الصحابي أو هو الأشعري فليحرر كذا رأيته بخطه ثم قال إسناده حسن انتهى والظاهر من احتماليه‏:‏ الأول فإن أحمد خرجه عن أبي مالك الأشعري ثم خرجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي فلعله أسقط الصحابي سهواً‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ وإسناده حسن وذكر المؤلف أن تطويق الأرض المغصوبة رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وغيرها متواتراً وليس مراده هذا الحديث كما وهم بدليل أنه لما سرد من رواه من الصحابة لم يذكروا الأشجعي‏.‏

1183 - ‏(‏أعظم الظلم ذراع‏)‏ أي ظلم أي غصب ذراع ‏(‏من الأرض‏)‏ أو نحوها ‏(‏ينتقصه المرء من حق أخيه‏)‏ في الإسلام وإن لم يكن من النسب وذكر الأخ للغالب فالذمي كذلك وشمل الحق ملك الرقبة وملك المنفعة ‏(‏ليست حصاة أخذها‏)‏ منه ‏(‏إلا طوقها يوم القيامة‏)‏ على ما تقرر وذكر الذراع والحصاة لينبه على أن ما فوق ذلك أبلغ في الإثم وأعظم في الجرم والصعوبة والعقوبة والقصد بذكر الحصاة ونحوها مزيد الزجر والتنفير من الغصب ولو لشيء قليل جداً وأنه من الكبائر‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ عن ابن مسعود رمز المصنف لحسنه‏.‏

1184 - ‏(‏أعظم‏)‏ لفظ رواية الشيخين فيما وقفت عليه إن أعظم ‏(‏الناس أجراً‏)‏ أي ثواباً وهو نصب على التمييز ‏(‏في الصلاة أبعده‏)‏ بالرفع خبر أعظم الناس ‏(‏إليها ممشى‏)‏ بفتح فسكون تمييز أي أبعدهم مسافة إلى المسجد لكثرة الخطا فيه المتضمنة للمشقة ‏(‏فأبعدهم‏)‏ أي أبعدهم ثم أبعدهم فالفاء هنا بمعنى ثم وأما قول الكرماني للاستمرار كلأمثل فالأمثل فمنعه العيني بأنه لم يذكر أحد من النحات أنها تجيء بمعناه واستثنى من أفضليته بعد الدار عن المسجد الإمام ومن ‏[‏ص 5‏]‏ تعطل القريب لغيبته ولا يعارض هذا الحديث خبر فضل البيت القريب من المسجد على البعيد كفضل المجاهد على القاعد لأن هذا راجع لتعيين البقعة والأول للفعل ‏(‏والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام‏)‏ ولو في آخر الوقت ‏(‏أعظم أجراً من الذي يصليها‏)‏ في وقت الاختيار وحده أو مع الإمام بغير انتظار ‏(‏ثم ينام‏)‏ فكما أن بعد المكان مؤثر في زيادة الأجر فكذا طول الزمن للمشقة ‏(‏وفائدة‏)‏ ثم ينام الإشارة إلى الاستراحة المقابلة للمشقة التي في ضمن الانتظار ذكره جمع وقال الطيبي في قوله ثم ينام جعل عدم انتظاره نوماً فيكون المنتظر وإن نام يقظان لأنه مراقب للوقت كمرابط منتهز فرصة المجاهدة وهذا بتضييع تلك الأوقات كالنائم فهو كأجير أدى ما عليه من العمل ثم مضى لسبيله‏.‏

- ‏(‏ق‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي موسى‏)‏ الأشعري ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال أبو موسى أراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فذكره‏.‏

1185 - ‏(‏أعظم الناس هماً‏)‏ أي حزناً وغماً وعزماً وقوة ‏(‏المؤمن‏)‏ أي الكامل إذ هو الذي ‏(‏يهتم بأمر دنياه‏)‏ أي بتحصيل ما يقوم بمؤنته ومؤنة ممونه ‏(‏وبأمر آخرته‏)‏ من القيام بالطاعات وتجنب الحرام والشبهات فإن راعى دنياه أضر بآخرته وإن راعى آخرته أضر بأمر دنياه إذ هما ضرتان فاهتمامه بأموره الدنيوية بحيث لا يخل بشيء من المطلوبات الأخروية صعب عسير إلا على من سهله اللّه عليه ولا يعارضه الأخبار الواردة بذم الدنيا ولعنها وإن الدراهم والدنانير مهلكة لأن الكلام هنا في الاهتمام لما لابد منه في مؤنة نفسه ومن يعوله وذلك محبوب بل واجب فهو في الحقيقة من أمر الآخرة وإن كان من الدنيا صورة‏.‏

- ‏(‏ه عن أنس‏)‏ وفيه يزيد الرقاشي قال في الميزان عن النسائي وغيره متروك وعن شعبة لأن أزني أحب إلي من أحدث عنه انتهى ورواه باللفظ المزبور عن أنس أيضاً البخاري في الضعفاء وكان ينبغي للمصنف ذكره للتقوية وبه يصير حسناً لغيره‏.‏

1186 - ‏(‏أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها‏)‏ حتى لو كان به قرحة فلحستها ما قامت بحقه ولو أمر أحد أن يسجد لأحد لأمرت بالسجود له فيجب أن لا تخونه في نفسها ومالها وأن لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب وأن لا تخرج إلا بإذنه ولو لجنازة أبويها ‏(‏وأعظم الناس حقاً على الرجل‏)‏ يعني الإنسان ولو أنثى فذكر الرجل وصف طرديّ ‏(‏أمه‏)‏ فحقها في الآكدية فوق حق الأب لما قاسته من المتاعب والشدائد في الحمل والولادة والحضانة ولأنها أشفق وأرأف من الأب فهي بمزيد البر أحق‏.‏
استنبط السبكي من هذا الحديث أن الإمام ليس له تقديم غير الأحوج عليه لأن التمليك والإعطاء إنما هو من اللّه لا من الإمام فليس للإمام أن يملك أحداً إلا ما ملكه اللّه وإنما وظيفته القسمة وهي يجب كونها بالعدل ومنه تقديم الأحوج والتسوية بين متساوي الحاجة فإذا قسم بينهما ودفع لهما علمنا أن اللّه ملكه لهما قبل الدفع وأن القسمة إنما هي معينة فإن لم يكن إمام وبرز أحدهما واستأثر كان كما لو استأثر بعض الشركاء بمال مشتركاً فلا يجوز‏.‏

أخذ ابن الحاج من الحديث أنه ليس للعالم أن يخص قوماً دون آخرين بإلقاء الأحكام عليهم لأن المسلمين قد تساووا في الأحكام وبقيت المواهب من اللّه يخص بها من يشاء‏.‏

- ‏(‏طب عن معاوية‏)‏ قال الهيثمي رواه بإسنادين أحدهما حسن‏.‏

2583 - ‏(‏إنما أنا رحمة‏)‏ أي ذو رحمة أو مبالغ في الرحمة حتى كأني عينها لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته كذلك وإن كانت ذاته رحمة فصفاته التابعة لذاته كذلك ‏(‏مهداة‏)‏ بضم الميم أي ما أنا إلا ذو رحمة للعالمين أهداها اللّه إليهم فمن قبل هديته أفلح ونجا ومن أبى خاب وخسر وذلك لأنه الواسطة لكل فيض فمن خالف فعذابه من نفسه كعين انفجرت فانتفع قوم وأهمل قوم فهي رحمة لها ولا يشكل على الحصر وقوع الغضب منه كثيراً لأن الغضب لم يقصد من بعثه بل القصد بالذات الرحمة والغضب بالتبعية بل في حكم العدم فانحصر فيها مبالغة أو المعنى أنه رحمة على الكل لا غضب على الكل أو أنه رحمة في الجملة فلا ينافي الغضب في الجملة أنه رحمة في الجملة ويكفي في المطلب إثبات الرحمة‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏والحكيم‏)‏ في النوادر ‏(‏عن أبي صالح مرسلاً‏)‏ أبو صالح في التابعين كثير فكان ينبغي تمييزه ‏(‏ك‏)‏ في الإيمان ‏(‏عنه‏)‏ أي عن أبي صالح ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ يرفعه قال الحاكم على شرطهما وتفرد الثقة مقبول انتهى وأقرّه عليه الذهبي‏.‏

2584 - ‏(‏إنما بعثت‏)‏ أي أرسلت ‏(‏لأتمم‏)‏ أي لأجل أن أكمل ‏(‏صالح‏)‏ وفي رواية بدله مكارم ‏(‏الأخلاق‏)‏ بعد ما كانت ناقصة وأجمعها بعد التفرقة قال الحكيم‏:‏ أنبأنا به أن الرسل قد مضت ولم تتم هذه الأخلاق فبعث بإتمام ما بقي عليهم وقال بعضهم‏:‏ أشار إلى أن الأنبياء عليهم السلام قبله بعثوا بمكارم الأخلاق وبقيت بقية فبعث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بما كان معهم وبتمامها وقال الحرالي‏:‏ صالح الأخلاق هي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها في قوله اللّهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي وقال العارف ابن عربي‏:‏ معنى الحديث أنه لما قسمت الأخلاق إلى مكارم وإلى سفساف وظهرت مكارم الأخلاق كلها في شرائع الرسل وتبين سفسافها من مكارمها عندهم وما في العالم إلا أخلاق اللّه وكلها مكارم فما ثم سفساف أخلاق فبعث نبينا صلى اللّه عليه وسلم بالكلمة الجامعة إلى الناس كافة وأوتي جوامع الكلم وكل شيء يقدمه على شرع خاص فأخبر عليه الصلاة والسلام أنه بعث لتتم صالح الأخلاق فصار للكل مكارم أخلاق فما ترك في العلم سفساف أخلاق جملة واحدة لمن عرف مقصد الشرع فأبان لنا مصارفه لهذا المسمى سفسافاً من نحو حرص وشره وحسد وبخل وكل صفة مذمومة فأعطانا لها مصارف إذا أجريناها عليها عادت مكارم أخلاق وزال عنها اسم الذمّ فكانت محمودة فتمم اللّه به مكارم الأخلاق فلا ضد لها كما أنه لا ضد للحق لكن منا من عرف المصارف ومنا من جهلها‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ ‏[‏ص 573‏]‏ في الطبقات ‏(‏خد ك هب عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أحمد أيضاً باللفظ المزبور قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح انتهى فكأن المصنف أغفله ذهولاً وقال ابن عبد البر حديث متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره‏.‏

2585 - ‏(‏إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذاباً‏)‏ لأنه حشي بالرحمة والرأفة فاستنار قلبه بنور اللّه فرقت الدنيا في عينه فبذل نفسه في جنب اللّه فكان رحمة ومفزعاً ومأمناً وغياثاً وأماناً فالعذاب لم يقصد من بعثه‏.‏

- ‏(‏تخ عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب نحوه عن جمع صحابيين‏.‏

2586 - ‏(‏إنما بعثتم‏)‏ أيها المؤمنون ‏(‏ميسرين‏)‏ نصب على الحال من الضمير في بعثتم وكذا قوله الآتي معسرين قال الحرالي‏:‏ والتيسير تحمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم والعسر بما يجتهد النفس ويضر الجسم ثم أكد التيسير بنفي ضدّه وهو التعسير فقال ‏(‏ولم تبعثوا معسرين‏)‏ إسناد البعث إليهم مجاز لأنه المبعوث بما ذكر، لكن لما نابوا عنه في التبليغ أطلق عليهم ذلك إذ هم مبعوثون من قبله أي مأمورون وكان ذا شأنه مع كل من بعثه لجهة يقول يسروا ولا تعسروا وهذا قاله لما بال ذو الخويصرة اليماني أو الأقرع بن جايس بالمسجد‏.‏

- ‏(‏ت عن أبي هريرة‏)‏ وفي الباب غيره أيضاً‏.‏

2587 - ‏(‏إنما بعثني اللّه مبلغاً‏)‏ للأحكام عن اللّه معرفاً به داعياً إليه وإلى جنته مبيناً مواقع رضاه وآمراً بها ومواقع سخطه وناهياً عنها ومخبراً بأخبار الرسل مع أممهم وأمر المبدأ والمعاد وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها وأسباب ذلك ‏(‏ولم يبعثني متعنتاً‏)‏ أي مشدداً قاله لعائشة لما أمر بتخيير نسائه فبدأ بها فاختارته وقالت لا تقل أني اخترتك فذكره وفي إفهامه إشعار بأن من دقائق صناعة التعليم أن يزجر المعلم المتعلم عن سوء الأخلاق باللطف والتعريض ما أمكن من غير تصريح وبطريق الرحمة من غير توبيخ فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف وتهبيج الحرص على الإصرار ذكره الغزالي‏.‏

- ‏(‏ت عن عائشة‏)‏ ورواه عنه أيضاً البيهقي في السنن لكن قال الذهبي في المهذب هو منقطع‏.‏

2588 - ‏(‏إنما جزاء السلف‏)‏ أي القرض ‏(‏الحمد والوفاء‏)‏ أي حمد المقترض للمقرض والثناء عليه وأداء حقه له قال الغزالي‏:‏ فيستحب للمدين عند قضاء الدين أن يحمد المقضي له بأن يقول بارك اللّه لك في أهلك ومالك انتهى وما اقتضاه وضع إنما من ثبوت الحكم المذكور ونفيه عما عداه من أن الزيادة على الدين زيادة غير جائزة غير مراد وإنما هو على سبيل الوجوب لأن شكر المنعم وأداء حقه واجبان والزيادة فضل ذكره الطيبي‏.‏

- ‏(‏حم ن ه عن عبد اللّه بن أبي ربيعة‏)‏ المخزومي قال‏:‏ استسلف النبي صلى اللّه عليه وسلم مني حين غزا حنيناً أربعين ألفاً فجاءه مال فقضاها وقال بارك اللّه في أهلك ومالك ثم ذكره وفيه إبراهيم بن إسماعيل وإسماعيل بن إبراهيم على اختلاف الروايتين ابن عبد اللّه بن أبي ربيعة قال في المنار‏:‏ لا يعرف حاله ولم تثبت عدالته انتهى، لكن قال الحافظ العراقي الحديث حسن وعبد اللّه بن أبي ربيعة اسم أبيه عمرو بن المغيرة ولاه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم الجند فبقي عليها إلى أواخر أيام عثمان ومات بقرب مكة ومن لطائف إسناده أنه من رواية إسماعيل عن أبيه عن جده‏.‏

2589 - ‏(‏إنما جعل الطواف بالبيت‏)‏ الكعبة ‏(‏وبين الصفا والمروة‏)‏ أي وإنما جعل السعي بينهما ‏(‏ورمي الجمار‏)‏ إلى ‏[‏ص 574‏]‏ العقبة ‏(‏لإقامة ذكر اللّه‏)‏ يعني إنما شرع ذلك لإقامة شعار النسك وتمامه في رواية الحاكم لا لغيره وكأنه سقط من كلام المصنف‏.‏

- ‏(‏د ك‏)‏ في الحج ‏(‏عن عائشة‏)‏ وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم واعترض بأن فيه عبد اللّه بن أبي زياد الصراح ضعفه ابن معين وكذا النسائي مرة وظاهر صنيع المصنف تفرّد به أبي داود عن الستة والأمر بخلافه فقد رواه منهم أيضاً الترمذي وقال حسن صحيح‏.‏

2590 - ‏(‏إنما جعل الاستئذان‏)‏ أي إنما شرع الاستئذان في دخول الغير ‏(‏من أجل‏)‏ وفي رواية من قبل ‏(‏البصر‏)‏ أي جهته أي إنما احتيج إليه لئلا يقع نظر من في الخارج على من هو داخل البيت ولولاه لم يشرع وهذا قاله لما اطلع الحكم ابن العاص أو غيره في بابه وكان بيد النبي صلى اللّه عليه وسلم مدراً يحك بها رأسه فقال لو أعلم أنك تنظر لطلقت به في عينك ثم ذكره قال في المنضد وإذا كان هذا في النظر إلى الرجال فإلى النساء آكد وأشد وفيه دليل على صحة التعليل القياسي فهو حجة الجمهور على نفاة القياس وفيه أن من اطلع في بيت غيره يجوز طعنه في عينه إذا لم يندفع إلا به ولا يختص ذلك ببيت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بدليل خبر‏:‏ من اطلع على بيت قوم بغير إذنهم فقد حلّ لهم أن يفقأوا عينه ولا ضمان ولا دية عند الشافعي لأنه عقوبة على جناية سابقة‏.‏

- ‏(‏حم ق ت‏)‏ كلهم في الاستئذان ‏(‏عن سهل بن سعد‏)‏ الساعدي ورواه عنه أيضاً النسائي في الديات‏.‏

2591 - ‏(‏إنما حرّ جهنم على أمّتي‏)‏ أمة الإجابة إذا دخلها العصاة منهم للتطهير ‏(‏كحرّ الحمام‏)‏ أي كحرارته اللطيفة التي لا تؤذي الجسم ولا توهنه فإن قلت‏:‏ هذا قد يناقضه ما مرّ أنهم إذا دخلوها ماتوا فلا يحسون بألم العذاب قلت‏:‏ قد يقال إنها تكون عليهم عند إحيائهم الأمر بإخراجهم منها كحرّ الحمام‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي بكر‏)‏ الصدّيق رضي اللّه تعالى عنه قال الهيثمي فيه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف انتهى وفيه أيضاً شعيب بن طلحة نقل السخاوي عن الدارقطني أنه متروك والأكثر على قبوله‏.‏

2592 - ‏(‏إنما سماهم اللّه تعالى الأبرار‏)‏ أي إنما سمى اللّه تعالى الأبرار أبراراً في القرآن ‏(‏لأنهم بروا الآباء والأمهات والأبناء‏)‏ أي أحسنوا إلى آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم ورفقوا بهم وتحرّوا محابهم وتوقوا مكارههم ولم يوقعوا الضغائن بينهم بتفضيل بعضهم على بعض بنحو عطية أو إكرام بلا موجب شرعي ‏(‏كما أن لوالديك عليك حقاً كذلك لولدك‏)‏ عليك حقاً أي حقوقاً كثيرة منها تعليمهم الفروض العينية وتأدّبهم بالآداب الشرعية والعدل بينهم في العطية سواء كانت هبة أم هدية أم وقفاً أم تبرعاً آخر فإن فضل بلا عذر بطل عند بعض العلماء وكره عند بعضهم‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي فيه عبد اللّه بن الوليد الصافي وهو ضعيف انتهى ونقل في الميزان تضعيفه عن الدارقطني وغيره وعن ابن حبان والنسائي والفلاس أنه متروك ثم ساق له أخباراً أنكرت عليه هذا منها وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأعلا من الطبراني وهو قصور فقد رواه سلطان المحدّثين باللفظ المذكور عن ابن عمر المزبور في الأدب المفرد وترجم عليه باب برّ الأب لولده فالضرب عنه صفعاً والعدول عنه للطبراني من سوء التصرف‏.‏

‏[‏ص 575‏]‏ 2593 - ‏(‏إنما سمي البيت‏)‏ الذي هو الكعبة المعظمة البيت ‏(‏العتيق لأن اللّه‏)‏ لفظ رواية الحاكم إنما يسمي البيت العتيق لأنه ‏(‏أعتقه‏)‏ أي حماه ‏(‏من الجبابرة‏)‏ جمع جبار وهو الذي يقتل على الغضب ‏(‏فلم يظهر عليه جبار قط‏)‏ وفي رواية لم ينله جبار قط وفي أخرى لم يقدر عليه جبار قط وأراد بنفي الظهور نفي الغلبة والاستيلاء‏.‏ قال في المصباح‏:‏ ظهرت على الحائط علوت ومنه قيل ظهر على عدوه إذا غلبه والمراد جبار من الكفار وقصة الفيل مشهورة‏.‏

- ‏(‏ت ك‏)‏ في التفسير ‏(‏هب‏)‏ كلهم عن أمير المؤمنين عبد اللّه ‏(‏ابن الزبير‏)‏ ابن العوام قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وأقول فيه عبد اللّه بن صالح كاتب الليث ضعفه الأئمة وبقية رجاله ثقات‏.‏

2594 - ‏(‏إنما سمي الخضر‏)‏ وفي نسخة حذف هذه وهي ثابتة في خط المصنف نعم هي رواية، والخضر بفتح السكون أو فكسر أو بكسر فسكون، قال ابن حجر‏:‏ ثبتت بهما الرواية بالرفع قائم مقام الفاعل ومفعوله الثاني قوله ‏(‏خضراً لأنه جلس على فروة‏)‏ بالفاء أرض يابسة ‏(‏بيضاء‏)‏ لا نبات فيها فإذا هي أي الفروة تهتز أي تتحرك تحته خضراً بالتنوين أي نباتاً أخضر ناعماً بعد ما كانت جرداء وروى خضراء كحمراء‏.‏ قال النووي‏:‏ واسمه بلياء أو إيلياء وكنيته أبو العباس والخضر لقبه وإطلاق الاسم على اللقب شائع وهو صاحب موسى عليه السلام الذي أخبر عنه بالقرآن العظيم بتلك الأعاجيب وأبوه ملكان بفتح فسكون ابن قالع ابن عابر ابن شالخ ابن أرفخشد ابن سام ابن نوح وقيل هو ابن حلقيا وقيل ابن قابيل ابن آدم وقيل ابن فرعون صاحب موسى وهو غريب وقيل أمه رومية وأبوه فارسي وقيل هو ابن آدم عليه السلام لصلبه وقيل الرابع من أولاده وقيل عيصو وقيل من سبط هارون عليه السلام وقيل هو ابن خالة ذي القرنين ووزيره، ومن أعجب ما قيل أنه من الملائكة والأصح عند الجمهور أنه نبي معمر محجوب عن الأبصار وهو حي عند عامة العلماء وعامة الصلحاء وقيل لا يموت إلا في آخر الزمان حتى يرتفع القرآن‏.‏ قال إبراهيم بن سفيان راوي صحيح مسلم وهو الذي يقتله الدجال ثم يحييه وإنما طالت حياته لأنه شرب من ماء الحياة وليكذب الدجال قال العارف ابن عربي‏:‏ حدثني شيخنا العزيني بشيء فتوقفت فيه فتأذى الشيخ ولم أشعر فانصرفت فلقيني في الطريق رجل لا أعرفه فسلم عليَّ ثم قال صدق الشيخ فيما قال فرجعت إلى الشيخ فلما رآني قال‏:‏ تحتاج في كل مسألة إلى أن يلقاك الخضر فيخبرك بصدقها وقال ابن عربي أيضاً كنت في مركب بساحل تونس فأخذتني بطني والناس نيام فقمت إلى جنب السفينة وتطلعت في البحر فرأيت رجلاً على بعد في ضوء القمر يمشي على الماء حتى وصل إليَّ فرفع قدمه الواحدة واعتمد الأخرى فرأيت باطنها وما أصابها بلل ثم اعتمد الأخرى ورفع صاحبتها فكانت كذلك ثم تكلم معي بكلام وانصرف فأصبحت جئت المدينة فلقيني رجل صالح فقال‏:‏ كيف كانت ليلتك مع الخضر عليه السلام قال‏:‏ وخرجت إلى السياحة بساحل البحر المحيط ومعي رجل ينكر خرق العوائد فدخلنا مسجداً خراباً لصلاة الظهر فإذا بجماعة من السياحين المنقطعين دخلوا يريدون ما نريده وفيهم ذلك الرجل الذي كلمني في البحر ورجل أكبر منزلة منه فصلينا ثم خرجنا فأخذ ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الهمزة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف التاء_تتمة
» فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف السين
» فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الغين
» فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الثاء
» فيض القدير شرح الجامع الصغيرـــــالإمام عبد الرؤوف المناوي ـــــ حرف الغين_تتمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأقصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى :: المواضيع الدينية :: الحــــــــــديـــــــــــــــث-
انتقل الى: